وعندما تلوى شعر وجه الحسان، وتعقب نوروز خان تلك الجماعة حتى منزل" بعقوبة بغداد" رجع وعاد من ذهاب بعد قتل وأسر بلا حصر، وكنس ذلك المكان أيضا بجاروف النهب والإغارة واستولى على الغنائم الكثيرة. وبسبب الاستماع لهذه الأخبار والهزائم المتتالية وقعت النيران الملتهبة فى على باشا وتبدل جمعه إلى الفرقة وتفرق معسكره فى لحظة واحدة، وأصبح هو نفسه أيضا قرين الاضطراب والقلق، فاختار الفرار والهروب على الحرب، ونظرا لسوء أعماله فلم يكن مطمئنا من أهالى بغداد أيضا، فذهب إلى قرب قلعة بغداد واستقر فى أحد منازلها، واستدعى صاحب المقام الرفيع ذو الألقاب المقدسة مجتهد العصر والزمان الشيخ جعفر الخزاعى من النجف الأشرف، وأرسله عند الأمير الموفق معتذرا من أجل أن يعتذر له عن أفعاله الشاذة غير المقبولة، والتمس الشيخ الفاضل بوساطة الأمير محمد على ميرزا فى خدمة ملك الملوك الفريد [العذر] عن الأعمال المذمومة والأفعال غير المحمودة لعلى باشا حيث إنه كان قد أثار غبار الصراع والخلاف والعداوة بين الدولتين العليتين إيران والروم (العثمانية) وكان قد أسال بينهما ودون أى سبب دماء الأبرياء على تراب المذلة والهوان، فقبل الخديو صاحب العرش [ص 169] وساطة الأمير ومطلبه وطبقا لتمينات الشيخ صاحب المقدار العالى استدعى الجيش المنتسب للنصر من أطراف وجوانب بغداد إلى الركاب المستطاب، وكتب الأمير بموجب أمر الهمايون شرحا تفسيريا إلى على باشا كما أرسل أيضا حكما إلى أهالى بغداد بأنه لا يجوز التجاوز عن أمره ونهيه حيث إن جرائمهم تقترن بالعفو والإغماض فى البلاط السلطانى وينسلكون فى سلك المخلصين ويعدوا من جملة أنصار ومؤيدى هذه الدولة الخالدة الأساس. فأرسلوا سليمان باشا كهيا إلى البلاط السلطانى، وتوقف الباشا المذكور بحكم الخاقان القابل للاعتذار فى منزل معتمد الدولة العلية ميرزا محمد شفيع وأظهر له أنواع العطف والرحمة.
وفى أواسط شهر ذى القعدة المحرم، أرسل الحاج يوسف باشا الصدر الأعظم السابق، الذى كان فى ذلك الوقت حاكم مملكة أرض الروم وقرا حصار الشرقية وتوابع تلك المناطق والأقاليم وكبير القواد المقتدر لسلطان الروم عالى الجاه- فيضى محمود أفندى- الذى كان من ضمن سادة الديوان المشيد الأركان ومن ربائب ذلك الباشا عالى الشأن- كحامل رسالة إلى بلاط صاحب الشوكة والعظمة النواب نائب السلطنة فى تبريز، وقد وصل السيد المذكور إلى فيض الحضور المعظم ومعالى الحضرة النواب نائب السلطنة، وعرض رسالته الودية والمليئة بطلب العفو عن المعاملة غير اللائقة والأفعال غير المقبولة من على باشا والى بغداد والاستئذان بإطلاق سراح سليمان باشا كهيا. فالتمس النواب نائب السلطنة فى حضرة الخديوى الموافقة على إطلاق سراح سليمان باشا كهيا، فأذن له السلطان السليمانى الشأن وأرسله إلى دار السلام بغداد وأكتافه مزدانة بالخلع الثمينة ومقضى المرام وسعيد الخطى.
Shafi 212