والمجذوب أعتقه الله تعالى من رق النفس. فجذبه إليه، فصار حرا. وألزم المرتبة حتى هذب وأدب وطهر وزكى. فأعتقه الله تعالى من رق النفس بجوده، بلا تبعة، فصار حرا لم يبق للنفس فيه مطالبة بخلق من أخلاقها. فهو أيضا مجذوب من المرتبة. وقد بين الله تعالى في تنزيله ذلك، فقال: {الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب} فالمجتبي من اجتباه الله وجذبه، فهو من أهل اجتبائه بالمشيئة. والآخر ممن هداه الله للوصول إليه بالإنابة. فالأول من أهل مشيئته، والثاني من أهل هدايته.
ولا تخلو الدنيا في هذه الأمة، من قائم بالحجة، كما قال علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه!: ((اللهم، لا تخل الأرض من قائم بالحجة، كي لا تبطل حجج الله وبيناته)). وقال عز وجل في تنزيله: {وقل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة} أي: على معاينة: {أنا وما اتبعني} فلم يجعل الدعاء إلى الله إلا على بصيرة، ولم يجعلها إلا لتابعيه (محمد عليه الصلاة والسلام) فتابعوه، من تابعه على جميع ما جاء به من عند الله قلبا وقولا وفعلا: وهم أهل هذه الطبقة.
قال له قائل: فما علامة الأولياء في الظاهر؟
قال: أولها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قيل له: ((من أولياء الله؟ قال: الذين إذا رأوا ذكر الله)). وما روي عن موسى، عليه السلام، أنه قال: ((يا رب، من أولياؤك؟ قال: الذين إذا ذكرت ذكروا، وإذا ذكروا ذكرت)). الثانية أن لهم سلطان الحق، لا يقاومهم أحد حتى يقهره سلطان حقهم. والثالثة أن لهم الفراسة. والرابعة أن لهم الإلهام. والخامسة أن من آذاهم صرع وعوقب بسوء الخاتمة، والسادسة، اتفاق الألسنة بالثناء عليهم، إلا من ابتلى بجسدهم. السابعة، استجابة الدعوة وظهور الآيات. مثل طي الأرض، والمشي على الماء، ومحادثة الخضر، عليه السلام الذي تطوى له الأرض، برها وبحرها، سهلها وجبلها، في طلب مثلهم شوقا إليهم.
وللخضر، عليه السلام ، قصة عجيبة في شأنهم. وقد كان عاين شأنهم في البدء، ومن وقت المقادير فأحب أن يدركهم. فأعطي الحياة حتى بلغ من شأنه أنه يحشر مع هذه الأمة وفي زمرتهم، حتى يكون تبعا لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهو رجل من قرن إبراهيم الخليل، وذي القرنين، وكان على مقدمة جنده، حيث طلب ذو القرنين عين الحياة ففاتته وأصابها الخضر في قصة طويلة.
وهذه آياتهم وعلاماتهم، فأوضح علاماتهم ما ينطقون به من العلم من أصوله.
Shafi 42