أشياء صغيرة قد تفسد جمال الأشياء، مثل النقط السوداء فوق القلب الأبيض المملوء بالفرح، قاومت هذه السلبيات القليلة التي يمكن أن تعالج عن طريق الكتابة والنقد من أجل أن يفرح الشعب المصري بمشروع جديد يحرره من عبودية المواصلات فوق الأرض، ومنها التاكسيات، وبدلا من أن أدفع ثمانية جنيهات لصاحب التاكسي دفعت خمسين قرشا (نصف جنيه فقط) ثمن التذكرة من الجيزة إلى بيتي في شبرا.
أدخلت سيارتي الجراج، وأخرجت أصحاب التاكسيات من حياتي، وقررت ركوب المترو تحت الأرض كل يوم.
مايو 1999
أحلام إنسان بسيط
منذ ستين عاما، وأنت طفلة بالمدرسة الابتدائية، رأيت نفسك في الحلم داخل طائرة، تسقطين منها، القنابل مثل رذاذ المطر، فوق ثكنات الإنجليز على شط قناة السويس.
وأنت نائمة لم تحلمي بالعروسة أو الفستان، أو الفرحة في عيني أبيك وأمك، قتلوهما الاثنان أمام عينيك وأنت طفلة، وأخوك قتلوه وأختك، وأطفال الجيران وزميلك في المدرسة، والإنسان البسيط الذي خفق له قلبك ثم مات وهو شاب.
وأنت يا علاء رأيتهم في طفولتك منذ ثلاثين عاما، وأنت طفل في الخامسة من عمرك، أصبحت وحدك بلا أم ولا أب، وأرغمك الفقر على البقاء في مسقط رأسك، الذي لم يعد وطنك، بل الأرض المحتلة بجيش إسرائيل المدجج بسلاح الإنجليز والأمريكان والفرنسيين وغيرهم ممن يحملون جواز سفر عربي.
كل يوم تمشي في جنازة طفل شهيد، يحلم مثلك بركوب الطائرة، وإسقاط القنابل فوق الثكنات المسلحة، الحلم الطفولي البسيط يا علاء لكل أطفال الحي الفقير في رام الله وغزة وغيرهما من المدن والقرى.
كل يوم تمشي في جنازة شهيد أو شهيدة، وتعود إلى زوجتك وأطفالك الخمسة أكبرهم في التاسعة من عمره، ينامون بغير عشاء وبغير غطاء، يراودهم الحلم الطفولي مثلك ومثلي وكل الأطفال في بلادنا الذين فقدوا الحلم.
حرمك الفقر يا علاء من التعليم فاشتغلت سائقا تحت سيطرة حكومة الاحتلال، خمس سنوات وأنت تقود الباصات كل يوم من الصباح إلى المساء نظير أجر ضئيل، تنقل العمال من زملائك وجيرانك في قطاع غزة إلى تل أبيب، ثم تعود إلى مسكنك الفقير من غرفتين في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.
Shafi da ba'a sani ba