(والتأسي هو إيقاع الفعل) ومنه القول كالقراءة والتسبيح والدعاء (بصورة فعل الغير) في زمنه ومكانه وطوله وقصره كصوم شهر رمضان ووقوف عرفة وطمأنينة الصلاة إن اعتبرها المتأسي به وإلا فمجرد الفعل كالتصدق قائما أو قاعدا ليلا أو نهارا وإن التبس هل اعتبرها أو لا ؟ اعتبرت مع الفعل عند أبي طالب لا عند أبي الحسين. وبهذا القيد تخرج المخالفة وقد تسامح المؤلفون بإدخال أل على غير (ووجه) من وجوب أو نحوه فإنه لو صلى الظهر فرضا وصليناه نفلا لم نكن متأسين به وكذا لو اتبع المسلم نصرانيا إلى بيعة ليرد وديعة لم يكن متأسيا به لاختلاف فعلهما حسنا وقبحا وكذا من سجد لصنم فسجد غيره لله فلا تأسي وبه يخرج الائتمام فإنه اتباع في الصورة والوجه معا أو في الصورة فقط (اتباعا له) أي لقصد اتباعه فيخرج مجرد الموافقة وهي أن يفعل أو يقول أو يعتقد مثل الغير لا لأنه صدر من الغير (أو تركه كذلك) أي بصورة ترك الغير ووجهه اتباعا له فإذا عرفت حقيقة التأسي وكون الوجه جزءا منها ولا يمكن بدون معرفته فلنأخذ في تفصيل ذلك
(فما علمنا) أو ظننا وجهه أي (وجوبه) أو ندبه أو إباحته (من أفعاله) إما بالضرورة وإما بنصه عليه وإما بكونه بيانا لخطاب دال على إيها وإما بامتثاله لدال على أيها كإقامة الحد على نحو الزاني في الوجوب وكالتصدق في المندوب وكالاصطياد بعد حل الحرام في المباح ولم يقم دليل اختصاصه به (فظاهر وما علمنا) أو ظننا (حسنة) بمجرد فعله (دون وجوبه) إذ الوجوب صفة زائدة على الحسن (فندب) إذ لا محرم في فعله كبير للعصمة ولا صغيرة ولا مكروه لخفائهما وقد أمرنا بالتأسي به فإذا لم يكن واجبا تعين الندب وهذا (إن ظهر فيه قصد القربة) إذ به يعرف أن هناك صفة زائدة على الحسن (وإلا) يظهر ذلك (فإباحه) أي يحمل على أن فعله مباح وعلى هذا لا مجهول في فعله لانحصاره فيما ذكر [*].
Shafi 73