(وتركه) (لماكان) قد فعله أو (أمر به) مطلقا لا لعذر ولا لسهو (ينفي الوجوب) أي يكشف أن الفعل أو الأمر غير واجب نحو ما روي أنه لم يقسم أراضي خيبر بين الغانمين فتكون قرينة صارفة للأمر عن الوجوب وكذلك تركه الواجب أو المندوب يدل على ارتفاع الوجوب أو الندب أيضا فلو ترك القنوت في الفجر لا لسهو ولا لكونه نفلا علمنا أن الأمر به على جهة النفل قد ارتفع [*] (وفعله لما نهى عنه) نهيا مطلقا كذلك (يقتضي الإباحة) إذ لو كان محظورا لما فعله لعدم جوازه في حقه كما تقدم فلو نهانا عن قتل القمل في الصلاة أو إلقاء النخامة في المسجد ثم فعل لا لعذر اقتضى فعله الإباحة وكان قرينة صارفة للنهي عن الحظر وفي كل ذلك إن قام دليل الخصوصية فذاك وإلا كان حكمنا حكمه فيه.
ولما فرغ من بيان نوعي السنة الأولين وقدمهما لقوتهما أخذ يبين الثالث فقال
(وأما التقرير) أي تقرير الرسول لغيره (فإ)نما يكون دليلا بشروط :
أحدها : (إذا علم بفعل) ، أو قول ، أو ترك (من) مكلف (غيره) غير معذور ، سواء كان بين يديه أو لا ، ثم سكت (ولم ينكره) على فاعله.
والثاني : أن يقع (وهو قادر على إنكاره) أي الحكم بكونه منكرا لو كان منكرا لا إن لم يكن قادرا فلا تأثير لسكوته وعدم إنكاره اتفاقا لجواز إنكاره مع حصول القدرة
والثالث : أن لا يكون مما علم أنه منكر له وترك إنكاره في الحال لعمله أنه علم منه ذلك وبأن الإنكار لا ينفع في الحال ، ولذا قال :(وليس كمضي إلىكافر كنيسة) إذ لو كان كذلك لم يكون لسكوته أثر في الجواز اتفاقا.
Shafi 74