(و) ثانيها : أن يعلم أنه (ليس في القرآن ما لا معنى له) ؛ بل كل لفظ من ألفاظه له معنى ، ومعانيه إما حقيقية ، أو مجازية لغوية ، أو شرعية ، أو عرفية ، وتصح معرفتها لكل أحد من المكلفين ، وإلا كان هذيانا وانتقض الغرض بالخطاب - أعني فهم المعنى - وصار كخطاب العربي بالعجمية التي لا يمكنه تفهمها ، وذلك لا يليق بالحكيم تعالى (خلافا للحشوية) - بفتح الشين - نسبة إلى الحشا ؛ لأنهم كانوا يجلسون أمام الحسن البصري في حلقته فوجد كلامهم رديا ، فقال : ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة - أي جانبها - ، والجانب يسمى حشا ، ومنه الأحشاء لجوانب البطن ، وقيل بإسكانها ، لأن منهم المجسمة ، والجسم محشو ، وقيل لكثر روايتهم الأخبار وقبولهم لما ورد عليهم من غير إنكار ، فكأنهم منسوبون إلى حشو الكلام
فقالوا إن فيه المهمل ، محتجين بما ورد في أوائل السور من الحروف المقطعة نحو ?ألم? ?طه? ?طسم? ،
قلنا : لها معان يعرفها أولوا العلم ، ولذا اختلف المفسرون فيها على أقوال قريبة من سبعين قولا ، ذكره البارزي : منها : أنها أسماء للسور لتعرف كل سورة بما افتتحت به. وقيل : سر بين الله تعالى وبين نبيئه. وقيل حروف مأخوذة من صفات الله تعالى كقول ابن عباس رضي الله عنهما في ?كهيعص? أن الكاف من كاف ، والهاء من هاد ، والياء من حكيم ، والعين من عليم ، والصاد من صادق. وقيل: أقسام أقسم الله بها لشرفها وفضلها ، واختاره الإمام المهدي الحسين بن القاسم عليهما السلام في تفسيره الغريب والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد عليهم السلام ، قال : بدليل العطف عليها بمقسم بها.
Shafi 63