وثبوت كونه تعالى لا يشبه شيئا يحيل عليه التنقل والاختصاص بالحياة(1) والمجاورة لان ذلك من أحكام المتحيزات وليس بمتحيز.
ويحيل عليه سبحانه الحلول وايجاب الاحوال والاحكام، لان ذلك من خواص الاعراض، فيسقط لذلك مذاهب الثنوية والمجوس والصابئين وعباد الاصنام والمنجمين والنصارى والغلاة، لاثبات هؤلاء أجمع الهية الاجسام أو كونها مؤثرة ما يستحيل من الجسم تأثيره على ما سلف بيانه.
وكونه تعالى بهذه الصفات يقتضي تفرده سبحانه بها ويحيل الاثبات ثان له فيها من حيث لو كان هناك قديم ثان لوجب أن يستحق جميع ما بيناه استحقاق فاعل العالم له من الصفات الواجبة والجائزة اثباتا ونفيا فيؤدي ذلك إلى اثبات ذاتين لا حكم لهما يزيد على حكم الذات الواحدة واثبات ذلك محال، فثبت أنه سبحانه واحد لا ثاني له.
وقلنا ذلك لان القدماء لو كانوا مائة فما زاد لم تزد حالهم عليه لو كان واحدا، ولا يميز فعلهم من فعل قديم واحد، من حيث كان كل ما تصح اضافته إلى هذا العدد تصح اضافته إلى القديم الواحد سبحانه، فصار اثبات ما زاد على واحد لا حكم له، ولا سبيل إلى تميزه، ولا فرق بين اثباته ونفيه، وما هذه حاله لا يصح اثباته، لكون ذلك تجاهلا ومفضيا إلى كل جهالة فثبت أن صانع العالم سبحانه واحد لا ثاني له.
وأيضا فلا دليل من جهة العقل على اثبات قديم ثان وقد ورد السمع المقطوع على اضافته إلى القديم سبحانه بنفي ثان له تعالى وهو ما لا يجوز عليه سبحانه الكذب فوجب لذلك القطع على كونه واحدا، ودلالة السمع على التوحيد آكد من دلالة العقول لاحتمال جميعها لدخول الشبهة المشكلة في التوحيد وبعد ذلك برهان المسع.
Shafi 46