وما وقع من الخلاف بين اهل اللغة وقع مثله بل اشد منه بين النحويين فان هؤلاء يتداولون المعانى والالفاظ معا. فمن امثلة ذلك قول العلامة الاشمونى عند ذكره اعراب الاسمآء الخمسة واعلم ان ما ذكره الناظم من اعراب هذه الاسمآء بالحروف هو مذهب طائفة من النحويين منهم الزجاجى وقطرب والزيادى من البصريين وهشام من الكوفيين فى احد قوليه قال فى شرح التهذيب وهذا اسهل المذاهب وابعدها عن التكلف ومذهب سيبويه والفارسى وجمهور البصريين انها معربة بحركات مقدرة على الحروف واتبع فيها ما قبل الآخر للآخر الى ان قال وهذان المذهبان من جملة عشرة مذاهب فى اعراب هذه الاسمآء وهما اقواها قال العلامة الصبان بل من جملة اثنى عشر مذهبا ساقها السيوطى فى همع الهوامع فراجعه واكثر ما عجبنى اختلافهم فى الضمير قال العلامة الاشمونى عند قول ابن مالك
(وذو ارتفاع وانفصال انا هو ... وانت والفروع لا تشتبه)
ما نصه مذهب البصريين ان الف انا زائدة والاسم هو الهمزة والنون ومذهب الكوفيين واختاره الناظم ان الاسم مجموع الاحرف الثلاثة وفيه خمس لغات ذكرها فى التسهيل فصاحهن اثبات الفه وقفا وحذفها وصلا والثانية اثباتها وصلا ووقفا وهى لغة تميم والثالثة هما بابدال همزته هآء والرابعة ان بمدة بعد الهمزة قال الناظم من قال ان فانه قلب انا كما قال بعض العرب راء فى رأى والخامسة ان كعن حكاها قطرب. واما هو فذهب البصريين انه بجملته ضمير وكذلك هى واما هما وهم وهن فكذلك عند ابى على وهو ظاهر كلام الناظم هنا وفى التسهيل وقيل غير ذلك واما انت فالضمير عند البصريين ان والتآء حرف خطاب كالاسم لفظا وتصرفا واما اياى فذهب سيبويه الى ان ايا هو الضمير ولو احقه وهى اليآء من اياى والكاف من اياك والهآء من اياه حروف تدل على المراد من تكلم او خطاب او غيبة وذهب الخليل الى انها ضمائر واختاره الناظم اه وقال فى المحكم يقال هى فعلت (بتشديد اليآء) وهى لغة همدان وحكى عن بعض بنى اسد وقيس هى فعلت باسكان اليآء وقال الكسائى وبعضهم يلقى اليآء من هى اذا كان قبلها الف ساكنة يقول حتا هـ فعلت ذاك وايما هـ فعلت ذاك وانشد بعضهم.
(فقمت للطيف مرتاعا وارقنى ... فقلت آهى سرت ام عادنى حلم)
اه ومثله فى الغرابة قول صاحب اللسان الالف واللام فى الان زائدة لان الاسم معرفة بغيرهما وانما هو معرفة بلام اخرى مقدرة غير هذه الظاهرة. فهذا لعمرى من خصائص اللغة العربية وبها تميزت عن لغات سائر البشر لا جرم ان من يدريها حق درايتها لجدير بان يقال فيه انه عالم جد عالم. وهذه المناقشات النحوية التى تجدها فى كتب النحو قد كلف بها وارتاح لها ابن سيده فى المحكم كثيرا فاسنحت له فرصة للخوض
1 / 47