فيها الا انتهزها كما دل عليه كلامه فى خطبته حيث قال وذلك انى اجد علم اللغة اقل بضائعى وايسر صنائعى اذا اضفته الى ما انا به من علم دقيق النحو وحوشى العروض وخفى القافية وتصوير الاشكال المنطقية والنظر فى سائر العلوم الجدلية واذا كان المتفردون لكتابة اللغة وتكميشها واحتطابها وتقميشها كابى عبيدة والاصمعى قد غلطوا فى بعض ما دونوا فانا احرى بذلك الخ كما كلف الازهرى فى التهذيب بتفسير الآيات القرآنية ففاته كثير من الالفاظ اللغوية والجوهرى بالشواهد على الالفاظ وان كانت مما لا يبالى به كقوله فى خلد والخالدان من بنى اسد خالد بن نضلة بن الاشتر بن حجوان بن فقعس وخالد بن قيس بن المضلل بن مالك بن الاصغر بن منقذ بن طريف بن عمرو بن قعين قال الشاعر
(وقبلى مات الخالدان كلاهما ... عميد بن حجوان وابن المضلل)
فجآء بهذه الاسمآء كلها لاجل البيت وعندى ان الاكثار من الشواهد فى كتب اللغة فضول فان الناقل عن العرب امين موتم نفاذا لم يصدقه الناس فى النقل لم يصدقوه فى الاستشهاد ايضا فوظيفة اللغوى ان يقتصر على نقل الالفاظ فقط الا اذا دعت الضرورة الى الاستشهاد كان تكون الكلمة نادرة كما استشهد الجوهرى على استعمال الرحيم بمعنى المرحوم ونحو ذلك وكان صاحب العباب كلفا بالحكايات والقصص كحكاية الكسعى مع قوسه وهمام بن مرة مع بناته وامثال ذلك مما محله كتب الادب لا كتب اللغة وكان صاحب المصباح كلفا بالمسائل الفقهية وله العذر فى ذلك لان كتابه موضوع لتفسير غريب الفاظ الشرح الكبير اما صاحب اللسان فحدث عن البحر ولا حرج فانه جمع جميع خصائص غيره اما المصنف فلم يكن يدخل فى المضايق النحوية والمشاكل اللغوية ولكن كان يطفر الى ما لا يعنيه من الاشتقاق كقوله فى موه وماهان اسم وهو اما من هوم او هيم فوزنه لعفان او وهم فلفعان او من هما فعلفا او ومه فعفلان او نهم فلا عاف او من لفظ المهيمن فعافال او من منه ففالا عاو من نمه فعالاف او وزنه فعلان فهذا التعمق فى الاشتقاق يليق بابن جنى الذى اشتهر بهذا الفن لا بلغوي يحرر كلام العرب فان هامان كيفما قابته وركست ليس من اللغة فى شئ وبعد فاذا ساغ التعمق فى اشتقاق ما هان لم ترك هامان وهو مذكور فى التنزيل فهو اجدر بان يضاع الوقت فيه من ماهان على ان بعض المواد التى ذكرها لا وجود لها فى اللغة وذلك نحو منه ونمه فكيف يشتق شئ من لا شئ ولم لم يشتقه من مهن ونهم. ومن ذلك قوله فى مسح والمسيح عيسى ﷺ لبركته وذكرت فى اشتقاقه خمسين قولا فى شرحى لمشارق الانوار وغيره وقال اولا فى سيح والسيح الذهاب فى الارض للعبادة ومنه المسيح بن مريم وذكرت فى اشتقاقه خمسين قولا فى شرحى لصحيح البخارى وغيره. وهنا ملاحظة من عدة اوجه. أحدها أن هذه اللفظة
1 / 48