وقيل: هو عرض وأنه نفس التمييزات والعلم، وهو عند جمهور أصحابنا قوة وبصيرة في القلب منزلة من منزلة البصر من العين، والسمع من الأذن، والشم من الأنف، والذوق من اللسان ن واللمس من الجسد، وهو مشهور عن الشافعي.
ولا منافاة بينه وبين ما روي عنه أنه آلة خلقها الله لعباده يميزون بها بين الأشياء وامتدادها، ركبها الله فيهم يستدلوا بها على الأمور الغائبة بالعلامات التي نصبها الله لهم منا منة ونعمة، فإن ذلك دلالة هي القوة المذكورة.
وقال أبو يحيى البرساني زكريا بن أبي بكر رحمه الله: هو معنى في القلب سلطانه في الدماغ لأن أكثر الحواس في الدماغ. وكذلك قال: يذهب بالضرب على الدماغ فهو عرض لا جسم لقوله.
وقال مالك: هو في الدماغ بدليل ذهابه بالضرب فيه.
وعن عيسى بن يوسف: أنه يجوز أن يركبه الله في جوارح الإنسان كلها إلا باطن القدم فيه، أنه إذا كان المراد بالجواز عدم المحال فليس وضعها أيضا في باطن القدم محالا، وإن أراد بالجواز الاحتمال فموضعه في باطن القدم محتمل أيضا وهو يزيد وينقص.
وسمي عقلا لأنه يمنع النفس عن فعل ما تهواه، مأخوذ من عقل البعير، وما يدركه العقل واجب، ويقال: له الواجب العقلي الثابت فعلا، ومعرفة ثبوت القدرة لمن ثبت له الفعل وهي القدرة المقارنة للفعل، وهي مجموع ما يتوقف عليه الفعل من وجود الشرائط وانتفاء الموانع لا القدرة التي بمعنى نفي الرفاتة والعجز كأنها سابقة، لكن لابد من وجودها أيضا ومعرفة ثبوت العلم لمن ثبتت له القدرة، وثبوت الحياة لمن ثبت له العلم، وثبوت الوجود لمن ثبتت له الحياة، فالعقل يستلزم القدرة، والقدرة تستلزم العلم، والعلم يستلزم الحياة، والحياة تستلزم الوجود، وأما مستحيل وهو ما لا يتصور في العقل وجوده كاجتماع الضدين ووجود شيء واحد في مكانين في وقت واحد وتحريك الجسم إلى جهتين في وقت واحد وهو داخل في المثال قبله.
Shafi 15