الجامع الصغير (ج1) للقطب اطفيش
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 2
الكاتب: الشيخ محمد بن يوسف إطفيش
التاريخ: 20-12-2004 12:25 : عقيدة مذهب أهل الاستقامة من المسلمين
=""
الحمد لله منشئ الكائنات على= ما شاء وبلا مثل هناك خلا
ثم الصلاة على المختار سيدنا= ومن إلى قاب قوسين دنا فعلا
والهاد بالصحب ما كان الهدى علما= يهدي به الله الخيرات من عقلا
وأول الفرض من تأصيله جمل= ثلاث فزت إن تستحضر الجملا
Shafi 1
وإن أتيت بها نطقا حفظت بها= للنفس والمال والسير بها اخفلا ندين أن اله الخلق ليس له= شبه وليس له ند ولا مثلا
وأنه ليس جسما لا ولا عرضا= لكنه واحد في ذاته كملا
وواحد في الصفات والعبادة= والأفعال طرا فلا تبغي به بدلا
ولا يحيط به سبحانه بصر= دنيا وأخرى فدع أقوال من نصلا
ولا يكفيه وهم ولا فكر= ولا تحيط به الأقطار مدخلا
وهو على العرش والأشياء استوى= وإن عدلت فهو استواء غير ما عقلا
وإنما الإستوى ملك وقدره= له على كلها ما استوى إلا وقد عدلا
اكما يقال الإستوى سلطانهم فعل= على البلاد فجاز السهل والجبلا
أسماؤه وصفات الذات ليس بغير= الذات بل غيها فافهم ولا تحلا
وأن أحمد من رسل الإله وقد= يخص من بينهم فضلا ومفتضلا
وأنه صادق فيما أتانا به= مبلغ الثقلين ما به رسلا
وإن أتت حجج البرهان ناطقة = بالموت والحشر والحسبان فامتثلا
وما هنالك ميزان يقام كما = قالوا عمود من كفات لما عملا
وما الصراط بجسر مثل ما زعموا = وما الحساب بعد مثل من ذهلا
وأنه من أطاع الله يدخله= جنات أبدا لا يتبع منتقلا
ومن عصاه ففي النيران مسكنه = ولم يجد مفزعا عنها فينتقلا
وما الشفاعة إلا للتقي كما قد= قال رب العلا فيها وقد فصلا
والمؤمنون عن النيران قد بعدوا= وما الورود لهم بل للذي انخذلا
وإن لله أملاكا وقد عصموا= وأن جنسهم عن جنسنا فصلا
فلا تصفهم بشيء من صفاتك= مطلقا سوى أنهم خلق قد امتثلا
والأنبياء بهم الإيمان يلزمنا= وما على كلهم من كتبه نزلا
وبالقرآن خصوصا بعد جملتها = وليس منا قديما يحتوي الأزلا
بل كلها خلق الباري وكونه = فيما يشاء فلا تصغي لمن عذلا
وبالقضاء وبما الرحمن قدره= وأنه خالق أفعالنا جللا
لكنه لا يجبر كان منه لنا= وعلمه سابق في كل ما جعلا
وإنما الفعل مخلوق ومكتسب= فالخلق لله والكسب لمن فعلا
إيماننا القول والتصديق مع عمل= والقول مر فصدقه وكن عملا
بما عليك من الأعمال مفترض= والنفل إن تستطع فافعله مبتهلا
Shafi 2
قواعد الدين علم بعده عمل= ونية ورع عن كل ماء أخطلا أرض وسلم وفوض واتكل فبل= تحوز أركانه اللاتي بها كملا
ثم الظهور و دفع والشراء مع = الكتمان طرق له أكرم بها سبلا
وفرزه في ثلاث مؤمن ومنا= فق وصاحب شرك جاحد عزلا
وحرزه أن توالي من بطبع وتبرئ = من مصر وقف عن كل من جهلا
ووال في جملة من قد أطال= وعاد من عصى جملة الله ممتثلا
وكن مال أمام المسلمين ومن = حوته طاعته إلا الذي إنخذلا
وكل من عظم المولى ولايته = فرض عدوان من إياه قد خذلا
وعاد في الدين جبارا وعامله = ومن له في سبيل المكفرات تلا
لا كل من حوى سلطان عزته= إذ قد يكون هناك مؤمن دخلا
ثم الولاية توحيدا تكون وأخرى= إطاعة فرضت إن شرطها حصلا
كذا البراءة والشرط الذي وجبت= به الولاية إن تلقيه ممتثلا
وربنا لم يزل للمؤمنين وليا = هكذا وعدوا للذي فصلا
وهكذا إبدأ ليس الزمان ولا= الأفعال تقدح فيه خده منتحلا
لطننا قد تعبدنا بطاعته= فكلنا عالم بماله جعلا
معنى موال معاد عالم بهم= وبالذي عملوا جدا وإن هزلا
والشرك لابد من أن تعرفنه لكي= تكون في مقعد عن غيه اعتزلا
وهو المساواة بين الله جل وبين= الخلق أو جحده سبحانه وعلا
وما سواه من الكفر أن يلزمنا = أي علمه أن علمنا حكمه الفصلا
ما لم يكن راكبيه أو نصوب من = يأتيه عمدا وجهلا هكذا نقلا
جهل حمية كبر بعده حسد = قواعد الكفر فاحذر دائما العضلا
ورغبة رهبة أركانه ويليها = شهوة غضب في كل ما حظلا
وهذه ملل الأديان قد نصبت= لابد للمرء من أن يعرف المللا
فالمسلمون وهم موف ومجترح= والمجرمون بنهك منهم انفصلا
أو مستحل وأحكام من الألى انتهكوا= أن يرجعوا كل ما صابوا وإن جزلا
وقد يجوز لكل ما يجوز لنا= إلا الولاية خضت بالذي عدلا
ثم اليهود والنصارى والمجوس معا =والصابئون لهم حكم وقد غفلا
يسالمون إذا انقادوا على صغر = يجزيه أو أبوا فالكل قد قتلا
والمشركون ذوو الأوثان ليس لهم = سلامة غير أن دانوا بما نزلا
Shafi 3
والحكم إن حاربوا في الكل متحد = نهب وسبي وقتل فيهم فعلا حاشا قريشا فإن السبي ممتنع = فيهم قول أهل المغرب الفضلا
والذبح إن سالموا أهل الكتاب مع = النكاح منهم أجز الإماء فعلا
وأن الإمامة فرض حين ما وجبت = شروطها لا تكن عن فرضها غفلا
وباطل سيرة فيها الإمامة في = اثنين أو بلغا في المجد ما كملا
وبد ما فتحت أم القرى نسخت = ما كان من الهجرة مفروضها اتصلا
إنا ندين بتصويب والألى نكروا = حكومة الحكمين حين ما جهلا
والراسي فوالي بعد حملتهم = ومن به نسي الإسلام قد وصلا
عنيت بخل أباض فهو حجتنا = أما ترى فخرة المسلمين للمسير حلا
ومن قفا نهجهم من كل مجتهد = شاكى السلاح لقمع الخصم حين غلا
والحمد لله رب العالمين على = إتمام مارست إذ من فضله كملا
ثم الصلاة وتسليم يقارنها = على الذي ختم به المولى الرسلا
والآل والصحب لاحت فضائلهم = ومن لهم في سبيل المكرمات تلا
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 3
الكاتب: الشيخ محمد بن يوسف إطفيش
التاريخ: 20-12-2004 12:45 : مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. الحمد لله رب العالمين حق حمده. وأشكره على ما أولانا من جزيل رفده. والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسوله وعبده، وآله وصحبه الذين تمسكوا بعهده وبعد:
فيقول أفقر العبيد الباسط يده بالوحيد.
هذا مختصر جمعت فيه الوضع والحاشية رجاء وطلبا للنجاة من الغاشية، وسميته بالجامع والله النافع، وليس مختصرا جدا لئلا يكون على الطالب كدا، وربما خالف الشيخين لأمر تبين للذي له العينين. وقد أوجز وأقدم وأوضح وأفهم ورب فائدة أزيد، والله المعين على ما أريد.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 4
الكاتب: الشيخ محمد بن يوسف إطفيش
التاريخ: 20-12-2004 12:48 : الباب الأول التوحيد:
Shafi 4
يجب توحيد الله على الملائكة وكل بالغ صحيح العقل من الإنس والجن أول بلوغه، وهو أول واجب وهو أن يقر ويعتقد أن لا إله إلا الله وأن محمد بن عبد الله رسوله وأن ما جاء به حق من عند الله.
ولا يجزي فيه الاعتقاد، وقيل: يجزي.
وذكر الثلاثي وغيره أن من قال: يجزي منافق ويتم. قيل: ولو بلا معرفة الملائكة والأنبياء والكتب والموت والبعث والجنة والنار والحساب والعقاب ما لم يسع بذلك أو يسأله أحد عنه أو يخطر بباله، وحجته أنه صلى الله عليه وسلم يكتب إلى الناس لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولا يكتب إليهم عشرة الأقاويل ونحوها.
وهو الذي أقول به حتى اطلعت أنه مذهب الإمام عبد الرحمن وعمروس وأبي خرز.
وقيل: لا يتم إلا بمعرفة ذلك، وقيل: أنها بولاية الجملة وبراءة الجملة، وعليه فمن لم يواليها أو يبرأ منها أشرك شركا لا تحرم به زوجته ولا تجري عليه أحكام الشرك.
وكذا من لم يعلم حرمة أموال المسلمين ودماءهم ونحو ذلك كمن لم يعرف آدم والملل الست وأحكامها، وكذا من أشرك زلة بجهل لا عمدا بخصلة شرك، وكذا من خطر له أو سئل عن مثله مما يشرك بجهله ولم يعلمها فإنه يشرك، ولا تحرم زوجته ويذهب يسأل.
وإطلاق التوحيد على مجرد أفراد الله تغلب للأعظم أو تسمية البعض باسم الكل، فإن التوحيد كل مركب مما ذكر وجزى لأنه يمنع نفس تصويره من وقوع الشركة فيه، فكل من الأفراد وما معه شطور بها شروط، ولو قيل: أنه بسيط وأنه مجرد الأفراد، وما ذكره معه شروطها شطور تصح عند بعض فرق الإباضية، وهم من يدعي نفاق منكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعليه فيستمد التوحيد لغة وشرعا.
وأما الشرك فكلى لأن تصوره لا يمنع من وقوع الشركة فيه لأن له جزئيات يصح إطلاق اسمه على كل منها على الحقيقة شرعا، وقد تسمى الخصلة الواحدة توحيدا أو إيمانا؛ أي تصديقا تسمية للجزء باسم الكل، أو الشرط باسم المشروط إذا شرط الانتفاع بالتوحيد، تلك الخصال الفورية أو الحاضرة.
Shafi 5
ويجب ألا يمضي علي أول وقت علم فيه بالبلوغ لها وقد وحد الله فيه.
وزعم بعض أن أول الواجبات النظر وأنه معذور في أول أحوال النظر، وبعض: أنه معذور مادام ينظر، ولزمها إباحة الشرك في الحالين، وأجيب بمنع كون ذلك شركا عندهما لأنه في الحالين عندهما معذور فيه،إن ذلك إهمال للعاقل البالغ مع أنه تقدم له ما يتعلم فيه وهو زمان المراهقة.
وكل رسول يدعو إلى التوحيد وإنما اختلفت الشرائع، وقيل: باتفاق شريعتي محمد وإبراهيم صلى الله وسلم عليهما، ومن نشأ على التوحيد وراهق عليه لم يلزمه النطق به إذا نطق قلبه.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 5
الكاتب: الشيخ محمد بن يوسف إطفيش
التاريخ: 20-12-2004 12:52 : الفصل الأول:
اعلم أن توحيد المقلد ضعيف، قيل لاعبرة به لأن الدين بالتقييد لا بالتقليد، فيقوى بأن يعلم أن الله - سبحانه- قديم منفرد بالوحدانية في الذات والصفات والفعل والعبودية، ولها قرار بذلك التوحيد، وإنكاره شرك، ومن علم من ذلك أو غيره من الصفات شيئا وتركه أشركها إن ذهل ومنفرد بالألوهية والربوبية غير قابل للتجزي، وغير موصوف بأنه كل ومنفرد بالاسم وهو لفظ الجلالة، وأن يعلم أن سوى الله محدث عرض أو جسم، وإذا أدرك أن ما سوى الله كله حادث بدليل الحاجة والعجز والتركيب علم أن الخالق لها شيء واحد لا كالأشياء، لا يعجز ولا يحتاج و إلا كان مثلها يحتاج إلى خالق فيتسلسل أو يدور وكلاهما محال.
Shafi 6
والعرض ما لا يقوم بنفسه كالنور والظلمة واللون والحياة والموت والسكون والقيام والقعود وغيرهما من الحركات، قيل وهو عندنا غير مشاهد بالعيان، ولعل المراد أنه غير مشاهد باستقلال و إلا فقد يشاهد بواسطة جسم كالنور والظلمة، واللون والظلمة ترتسم في الهواء في مكانين كذلك، والواضح أنها تحول من مكان إلى مكان ، وأما الزمان فمن اللازم التحول والمكان على أنه جسم وفي الأرض مثلا، ويدعى على أن الهواء جسم يجريه له، وأن الإنسان والطائر في سرعته يتمسك به ثم يندفع، وعلى القول بأن الهواء عدم فالظلمة فيه عدم لا عرض لها جسم، قيل وهو ملازم للفناء، بمعنى أنه لا يبقى أكثر من حال فالنور والظلمة في كل حال غيرهما في الحال الآخر، واللون لا يمضي عليه حال إلا تغير ولو لم يظهر لنا تغير لدقته، وزيادة إيضاح أنه في كل لحظة ينبع منه أجزاء، ولا يزال كذلك حتى يبلى إن كان يبلى، فما يزال يضعف نفعه بضعفه.
والشركة كون في اثنان مختلفين، وأقول هو جنس وما واقعة على كل ما حدث باختيار بسكون المختار فإنه كسب، والرؤية بتشديد الراء الفكرة، وهي ما اكتسبته، والكسب ما جاء عن رؤيتها لنفس كذا، قيل عبارة عن مقارنة القدرة الحادثة للفعل، وعن بعض أن الاكتساب وجود الإرادة، وأن الرؤية والمشبه والاهتمام والقصد والعمد والتيمم والتوخي والتحري والاختيار والكسب بمعنى واحد يوصف به المخلوق، والقولان لا يوافقان اللغة فإن الكسب لغة: هو نفس الفعل لا المقارنة ولا وجود الإرادة فبطلا.
Shafi 7
وأما ضرورية ذلك كحركة بعض العروق في الحيوان، وكحركة بعضها ولو بعد الموت، وكحركة المرتعش، وحركة قلب النخلة فإنه يتحرك ولو بلا ريح، أعني تتحرك سعفاته كما يتحرك قلب الإنسان دائما، وذلك مما أشبهت به الإنسان، والضرورة عدم الاختيار وهي تنفك كجري الماء بخلاف الطبع، فلا ينفك كبلة الماء والاضطرار الجاءك يخبر غيرك إلى شيء وهو متعد، وقد يكون بمعنى التجاء وهو قاصر، عن بعض أن الاضطرار عدم الإرادة، وهو تعريف باللازم المقارن والسكوت كون واحد، وإن شئت فقل في مكان واحد، وكل جزء من السكون سكون حتى لا يعلم دقتها إلى الله في آن واحد، وه كسبي كسكون القادر على الحركة وضروري كسكون الجامد وسكون الساكن وموته لمرض أو نوم أو سكر الجسم وهو المتحيز والحيز الجانب والمكان.
فالمتحيز ما أخذت ذاته مكانا، ويسمى الجوهر خلاف العرض،وقال قومنا:هو ما لا يتحيز ولا يتجزأ.ذلك كالنقطة الدقيقة ويرده أنه لا دقيق إلا وله جهات، فذلك تحيز وعيان وتجزي.
وأيضا: هو قابل للقسمة بالعين والجسم والرياح، ومرأى موتى له حالة تشبه الحياة كالأرض وما يلقى فيها لينبت كالحب والنوى، وموتى نوم أو سكر، ومتى ليست له تلك الحالة كالصخر والحديد، ويقال: إن الصخر المدفون ينمو إلى جواب وإلى أسفل، ويقال: أن الحجر الأبيض إلى رزقه الذي نقول له بالبربربية لوس ينمو نموا.
أخبرني رجلا أنه حفر بئرا فوصل ذلك فقطع فيه قطعا واسعا وبعد مدة وجده يكاد يغلق الموضع.
وأخبرني بعض النفوسيين أن التراب الأبيض الذي يقيموه مقام الجص ينمو إلى جهة الماء.
Shafi 8
ثم إن المرجان في البحر حجر ينمو إلا أنه نبات البحر ومرئي حيوان له روح يدب ويدرج عاقل مكلف وهو الملائكة والجن والإنس، ولا يخفى أن الملائكة والجن تراهم الأنبياء وغيرهم ممن أراد الله، ومعنى قوله تعالى:﴿لا تروهم ﴾ كلما أردتم وكل ما حطوا بل يمكن أن تروهم خيالا، وتحقيقا في بعض الأحيان بدليل ما وقع من ذلك كما قال الشافعي: لا يحققون قطعا وترى الملائكة والجن، ويرى الجن والملائكة، ويرى بعضهم بعضا.
والأشكال في وصف الملائكة بالدبيب والدرج إذا صح وصفهم بالمشي كما صح بالطيران ولا في كونهم حيوان لأن الحيوان من حلت فيه الحياة فليس بميت.
فالملائكة حيوان كما قال صاحب الأصل بميت.
ويسمى الإنس والجن ثقلين لثقلهم بالتكليف بأن شبه صعوبة التكليف بالثقل، ولأنهم لا يصعب عليهم شيء ولا يشق، فمعنى تكليفهم أنهم مأمورون منهيون، وتكليف الثقلين إلزامهم ما فيه المشقة، وإن شئت فقل معنى تكليفهم مأمورون منهيون.
وقيل: سموا ثقلين لأنهم أثقلوا الأرض بذنوبهم وأعمالهم وصنائعهم، وقيل: لرجاحة رأيهم.
وحيوان له روح يدب ويدرج مهمل غير عاقل كالأنعام والوحوش، والعاقل البالغ ولا الملك لا يتصور لإهماله لأنه ليس من الحكمة إهمالا لعاقل كما أنه ليس منها تكليف غيره.
وهو: إما مؤمن غير معصوم أو معصوم وهم الملائكة والأنبياء، وقد صف بعضهم بمعصية كآدم عليه السلام.
قيل: قد يوصف بها بعض الملائكة ولكنهم معصومون عن الموت بلا وفاه، كما أريد غيرهم ممن نص عليه أنه من أهل الولاية ولكنه عصم عن الموت بلا وفاة.
وذلك باطل لقوله تعالى:( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ).. الأية، الجواب: إن المراد بالعصمة غير العصمة المذكورة في الآية، فالأولى لهم خلافه كقولهم: ( أتجعل فيها من يفسد فيها).
وكما ورد أن بعض منها يسقط عن درجته، وبعض يسلب ريشه مشفع فيهم بعض الأنبياء.
Shafi 9
وأما كافر كفر نفاق، أو كافر كفر شرك جحود، أو شرك مساواة، وإنكار نبي أو ملك أو حرف من كتاب الله يغيره في عدم إرسال ذلك النبي أو إنزال ذلك الحرف، أو خلق ذلك الملك.
فشرك المساواة: تسوية الله بغيره في العبادة، أو تسويته بغيره في غيرها، أو داخل في شرك الجحود.
وشرك الجحود: إنكار الله أو إنكار نبي أو ملك أو حرف من كتاب الله، وقيل: لا يشرك بإنكار ما دون كلمة، وقيل: لا يشرك بإنكار ما دون الآية، والصحيح الأول، ولا يشرك بإنكار ويكون في بعض الآثار، والصحيح أنه يشرك بذلك.
ولا إشراك فيما فيه خلاف كالواو في قوله: (وسارعوا إلى مغفرة) قبل السين.
والمنافق: إما مقر معتقد فاعل للكبيرة، أو مقر مسر للشرك وهو مشرك وهو الذي يكون في الدرك الأسفل من النار، وشهر في المذهب أن الذي في الدرك الأسفل من النار هو الموحد الفاسق. ولي في ذلك رسالة طلبها المصريون ومرأى له حال يشبه حال الحيوان وهو ما ينبت ويعرج ويقال له حيوان مائي، ونسب للحيوان لشبهه به.
وإذا علم إنما سوى الله حادث علم له أن له محدثا بكسر الدال إذا صنعت بلا صانع ولا أثر بلا مؤثر، والمحدث بالكبير يجب أن لا يكون من جنس المحدث و إلا لزم الدور أو التسلسل، وأن لا يكون نفسه ولا يلزم أن يكون الشيء قبل نفسه وبعد نفسه؛ لأن المحدث (بكسر الدال) سابق على المحدث (بفتحها ) وذلك متناف؛ وذلك لأن كونه مخالفا يقتضي التقدم، وكونه مخلوقا يقتضي التأخر، ولزم أن يفعل العدم فعلا وهو محال،ولزم المحال وهو اجتماع أمرين متنافيين، وهما الاستواء والرجحان بلا منع ضمان وجود كل فرد من أفراد ما سوى الله مساو لعدمه، وزمان وجوده مساو لغيره من الأزمنة، ومكانه الذي اختص به مساو لغيره من الأمكنة، وفاته التي اختصت به مساوية لغيرها من الصفات.
وذلك حجة عقلية؛ ولكن حجة الله إنما تقوم عندنا بالكتب والرسل، ولا تنال معرفة الله بالتفكر والاضطرار بل بلا اكتساب والتعلم.
Shafi 10
وقد قامت على المكلفين جميعا من لدن آدم، فصاحب الجزيرة غير معذور في الشرك ولا في جهل الفرائض ولو لم يسمع من أحد عندنا وإن كان على شريعة نبي عندما لم تصله الحجة بالنسخ أو بالزيادة، وقال بعض قومنا: يعذر في التوحيد إن لم يصله غيره.
وطرق العلم منحصرة في الحواس، والعقل هو المدرك للمحسات والمعقولات على الراجح خلافا لمن زعم أن المدرك للمحسات الحواس؛ لأن العلم هو حصول صورة الشيء في العقل فهو من قبيل الفعل، وهو التأثير وإيجاد الأثر، وقيل: حصوله صورته عند استعمال العقل، فهو من قبيل الانفعال وهو التأثير وقبول الأثر. فحصول الشيء فعل وتولده من فعل الانفعال وبيان هذا المحل موضحا في شرحي على المعالم، وقيل:الصورة الحاصلة، فهو من قبيل الكيف والعقل كالملك الجالس في خلوة مثلا لها طاقات وهي الحواس، فإن فتح الطاقات أدرك و إلا فلا، وقيل: توصل إليه الحواس وتطرق إليه بما أحسته.
وقال القرافي: قيل الحواس مع العقل كالحجاب مع الملك فهي تدرك أولا ويحصل لها اعلم ثم تؤدي ما علمته للنفس فيحكم عليها، وتقول: كلما كان كذا فهو كذا في كذا كالخدم للعقل؛ أي فلو لم يحضر العقل لشغل أو نوم أو سكر أو نحو ذلك لكانت مدركة لذلك دون العقل، وهذه الدعوى لها دليل عليها.
وقيل: بل الحواس طاقات قابلة كل طاقة قبيل من المدركات لا يوجد إلا هناك.
* ويدل على الأول أن البهائم لا عقل لها وهي تدرك بحواسها، وفيه أن لها عقلا دون عقل الصبي أو مثله لا يتعلق به التكليف، والمصنف في الأثر عنها عقد التكليف.
* وعلى الثاني أن الإنسان إذا قام وفتحت عينه لا يدرك شيئا، وكذا المجنون أهم ذكر ذكر ذلك في باب الحجة؛ ولذا قال: كلما كان كذا الخ، والخلاف في مجرد الإدراك.
كذلك كلما علمت وإنما تنال المعرفة بالحواس، وقيل: والمعرفة إما علم ما أدركته الحواس، أو علم ما دل عليه ما أدركته وهو واسطة.
Shafi 11
ومن الحواس الإحساس الباطني كأدراع الجوع والعطش والشبع، والألم والفرح والحزن ويسمى وجدانيا، والعلوم الحاصلة للإنسان الضرورية إما عقلية وإما نقلية والطريق في ذلك كله الحواس بغير واسطة أو بواسطة كالعلم بالباري جل وعلا.
وعلى كل حال فالعقل مطروق إليه لا طريق، وعبارة المشايخ ناطقة بأن طرق العلم ثلاثة:
الأول: العقل: فإنه طريق إلى النفس الناطقة المعبر عنها كل أحد بانا وهي المدركة تأمل.
الثاني: الحواس، والثالث: ما سمع من شرع أو غير مناف اللفظ المسموع طريق من حيث أنه يسمع فيعلم معناه.
ومن المعلوم ما لا طريق إليه إلا الحس الظاهر، وهو حس الحواس المحس أو الباطن، وهو حس الوجدانيات بناء على الراجح من أن المدرك للكلمات والجزئيات هو النفس الناطقة التي هي العقل أو غيره.
فنسبة الإدراك إلى قواها المتعلقة بالحواس كنسبة القطع إلى السكين.
ومنها ما لا طريق إليه إلا العقل ككون الواحد نصف الاثنين، وككون الضدين لا يجتمعان، وإنه إذا فرض العقل شيئين علم أن الواحد نصفهما ولم ينظرهما ولم يمسهما وهكذا.
تابع بقية الموضوع >>>>>
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 6
الكاتب: الشيخ محمد بن يوسف إطفيش
التاريخ: 20-12-2004 12:54 : تابع الموضوع السابق
والعقل يعرض عدم حضور الضد إذا وجد هذه، وكونه طريق ظاهر على القول بأن المدرك هو النفس الناطقة وأنها غير العقل، وإما على القول بأنها هي العقل، فلعل تسميته طريقا من حيث لم يعلم ذلك إلا من جهته ووصل إلى المعنى بنفسه ولم يتوقف على حس أو شرع.
ومنها ما لا طريق إليه إلى النقل كوجوب الصلاة والصوم وغير ذلك من الأحكام الشرعية، وككون لفظ كذا موضوعا لمعنى كذا من الألفاظ اللغوية الإصلاحية، وكسائر الأخبار.
ووجه كون الشرع مثلا طريقا من كون مطروق إليه بالسمع أنه توقف الحكم الرعي عليه ولا يعلم إلا من جهته.
Shafi 12
إن المراد بالشرع: الألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة. ولا شك أن اللفظ المسموع طريق إلى العلم بالمعنى بعد العلم بالوضع، فيكون طريق بواسطة لأن السمع طريق إلى العلم بلا لفظ، واللفظ إلى العلم بالمعنى غالبا فيهما؛ لأنه قد يكون الطريق بالنظر والنفوس والحس.
إما متصل وهو اللمس والذوق منه السمع، ذلك قول الشيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم رحمه الله أن المدرك بالسمع جسم، بدليل أن بعض الأصوات القوية كالرعد القاصف قد يصدع الحيطان ويهدمها، والفاعل من الخلق لا يكون لها جسما.
وإما منفصل وهو الرؤية والشم ومنه السمع عند غير أبي يعقوب، وأما حس بنية وهو الوجدانيات وهي ما يجده الإنسان من ذات نفسه من غير أن يدرك شيء من الحواس الظاهر، بل يحصل له العلم به ضرورة كإدراك الألم واللذة والفرح والحزن والمحسات بالحواس الظاهر أجسام عندنا لها المدرك بالسمع فإنه عرض خلاف لأبي يعقوب.
وليس اللون جسما بل الجسم ما له لون، وكذا النور عرض والجسم ما وقع عليه النور والسمع قوة مودعة في العصب المغروس في قعر الصماخ تدرك به الأصوات، والبصر قوة مودعة في العصبيتين المجوفتين اللتين تتلاقيان في مقدم الدماغ ثم تتفرقان، فالتي من جهة اليمين توصل إلى العين اليمنى، والتي من جهة اليسرى توصل إلي العين اليسرى تدرك بها الأضواء والألوان، واللمس قوة في جميع البدن غير الشعر والظفر تدرك بها الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة واللين والخشونة.
والشم قوة مودعة في العصبيتين الزائدتين النابئتين في مقدم الدماغ الشبيهتين بلحمة الثدي ندرك بها الروائح.
والذوق قوة في العصب المفروش على حرم اللسان تدرك بها الطعوم، وتلك خمس حواس ظاهرة.
وأثبت فلاسفة الفكر خمسا أخرى باطنة بناء على أن العقل لا يدرك الجزئيات بنفسه، والصحيح أنه يدركها كالكليات:
Shafi 13
الأولى: الحس المشترك وهو القوى التي ترتسم فيها صور الجزئيات المحسات بإحدى الحواس الخمس الظاهرة، تطالعها النفس ثم تدركها وهي في مقدم البطن الأول من الدماغ.
الثانية: الخيال وهو قوة تحفظ تلك الصور بعد غيبتها عن الحس المشترك، وهي كالخزانة له، وهي في مؤخر البطن الأول وهو المؤخر هو أول البطن الثالث.
الثالثة: الوهم وهي قوة تدرك المعاني الجزئية المتعلقة بالصور المحسوسة كعداوة زيد وصداقة عمر وهي في مقدم البطن الثالث، وهذا المقدم أول البطن الرابع.
الرابعة: الحافظة وهي قوة نسبتها إلى الوهم نسبة الخيال إلى الحس المشترك، فهو الخزانة للوهم تحفظه،، وهو في مؤخر البطن الثالث وهذا المؤخر أول البطن الخامس.
الخامسة: المتخيلة وهي قوة منصرفة في الصور التي أخذتها من الحس المشترك والمعاني التي أخذتها من الوهم بالتركيب والتفريق، وتسمى باعتبار أخذها من الحس المشترك متفكرة، وباعتبار أخذها من الوهم متخيلة ولم تتم أدلة ذلك عند الإسلاميين.
والمذكرة هي الأولى والثالثة الأولى المحسوس والثانية لما يتعلق به عليه والثانية خزانة للأول، والرابعة خزانة الثالثة تدرك المشترك حلاوة السكر ويحفظ الخصال حلاوته.
ويدرك الوهم المعنى المتعلق بالحلاوة ككون السكر قوة ويحفظ الحافظة وتتصرف المتخيلة يخلط الحل به فيكون انحسلا فهذا جمع أو يصعر، فهذا تفريق والعقل إما غريري غريزي بفتح الراء وحذف الياء بعد الغرى، وهو غير مكتسب وبه علق التكليف.
وأما كسبي وهو خاص بأولي الفضل وهو علوم تستفاد من التجارب بمجاري الأحوال، وهو نتيجة العرزى لا ينفك عن العرزى بخلاف الغريزي فإنه ينفك عن الكسبى، فيكون صاحبه مسلوب الفضائل، موفور الرذائل كالجهل والحمق، والعقل جسم بدليل تمييزه الأشياء وحفظه لها.
ولا يكون فاعل من الخلق إلا جسما؛ لأن الأعراض تستحيل فيها الأفعال وهو متمكن في القلب راتب متحرك ساكن تحريكه تمييزه الأشياء وسكوته ترك التمييز.
Shafi 14
وقيل: هو عرض وأنه نفس التمييزات والعلم، وهو عند جمهور أصحابنا قوة وبصيرة في القلب منزلة من منزلة البصر من العين، والسمع من الأذن، والشم من الأنف، والذوق من اللسان ن واللمس من الجسد، وهو مشهور عن الشافعي.
ولا منافاة بينه وبين ما روي عنه أنه آلة خلقها الله لعباده يميزون بها بين الأشياء وامتدادها، ركبها الله فيهم يستدلوا بها على الأمور الغائبة بالعلامات التي نصبها الله لهم منا منة ونعمة، فإن ذلك دلالة هي القوة المذكورة.
وقال أبو يحيى البرساني زكريا بن أبي بكر رحمه الله: هو معنى في القلب سلطانه في الدماغ لأن أكثر الحواس في الدماغ. وكذلك قال: يذهب بالضرب على الدماغ فهو عرض لا جسم لقوله.
وقال مالك: هو في الدماغ بدليل ذهابه بالضرب فيه.
وعن عيسى بن يوسف: أنه يجوز أن يركبه الله في جوارح الإنسان كلها إلا باطن القدم فيه، أنه إذا كان المراد بالجواز عدم المحال فليس وضعها أيضا في باطن القدم محالا، وإن أراد بالجواز الاحتمال فموضعه في باطن القدم محتمل أيضا وهو يزيد وينقص.
وسمي عقلا لأنه يمنع النفس عن فعل ما تهواه، مأخوذ من عقل البعير، وما يدركه العقل واجب، ويقال: له الواجب العقلي الثابت فعلا، ومعرفة ثبوت القدرة لمن ثبت له الفعل وهي القدرة المقارنة للفعل، وهي مجموع ما يتوقف عليه الفعل من وجود الشرائط وانتفاء الموانع لا القدرة التي بمعنى نفي الرفاتة والعجز كأنها سابقة، لكن لابد من وجودها أيضا ومعرفة ثبوت العلم لمن ثبتت له القدرة، وثبوت الحياة لمن ثبت له العلم، وثبوت الوجود لمن ثبتت له الحياة، فالعقل يستلزم القدرة، والقدرة تستلزم العلم، والعلم يستلزم الحياة، والحياة تستلزم الوجود، وأما مستحيل وهو ما لا يتصور في العقل وجوده كاجتماع الضدين ووجود شيء واحد في مكانين في وقت واحد وتحريك الجسم إلى جهتين في وقت واحد وهو داخل في المثال قبله.
Shafi 15
وإما جائز وهو ما يصح في العقل وجوده وعدمه كالخلق والإماتة والبعث في حد ذاتها، وأما بالنظر إلى الوقوع فذلك من الواجب لكن لها عقلا، والشرع ما ثبت بالكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس.
والكتاب أصل السنة لقوله عز وجل ( وما ينطق عن الهوى). (3) و( وما آتاكم الرسول فخذوه ) الآيتين.
والسنة أصل للإجماع لقوله صلى الله عليه وسلم “ لا تجتمع أمتي على ضلالة”.
والإجماع أصل للقياس لأنه ما يثبت إلا بالإجماع ولا يعتد بنفي نافية.
وقال قومنا: لا يطلق الشرع على ما ثبت بالقياس، والأصل الكتاب والسنة والإجماع، ولهذا الأصل معقول ومنقسم إلى ثلاثة:
الأول: يعني الخطاب وهو ما دل عليه اللفظ حال كونه في محل النطق ويسمى بالمنطوق.
الثاني: المفهوم من معنى الخطاب الموافق له.
فإن كان أولى بالحكم من معنى الخطاب سمي فحوى الخطاب، والفحوى ما يفهم على سبيل القطع كقوله سبحانه: ( فلا تقل لهما أف)، فالمنطوق: النهي عن أن يقول لهما أف، والمفهوم: النهي عما هو أضر من ذلك كالضرب والضرب ونحوه مما هو أضر وأشد تحريما، والتحريم حكم، وإن كان مساويا في الحكم لمعنى الخطاب سمي لجن الخطاب.
واللحن: حرف الكلام إلى تعريض كقوله سبحانه: (ولا تأكلوا أموالهم )، فالمنطوق: النهي عن الأكل والملحوق إليه كل إتلاف،وتحريم الأكل وتحريم الإتلاف بغير الأكل سواء في التحريم.
وإن قلنا استعمال الأكل في مطلق الإتلاف فذلك مجاز مرسل من استعمال الخاص في العام وبسطت الكلام على هذا وما بعده في أصول الفقه الثالث وليس الخطاب، وهو مفهوم خالف المنطوق به في الحكم، وأقسامه المتفق عليها ثمانية:
مفهوم الحصر، ومفهوم الصفة، ومفهوم الشرط، ومفهوم الغاية، ومفهوم الزمان، ومفهوم المكان، ومفهوم العدد، ومفهوم اللقب.
Shafi 16
والكل حجة بل في بعضها خلاف ولاسيما مفهوم اللقب، واللقب: هذا الاسم الجامد علما أو نكرة، والوصف المتقلبة عليه الاسمية.
فإذا قلت: " أكرمت زيدا إن جاء " فمفهوم الشرط: أنه غير مأمور بأمر من زيد إن لم يحيى بل أن لا يكرمه.
والحق عندي: أن الحصر منطوق لا مفهوم، وسمى الكثيرون كلما ليس بمنطوق معقول أصل، وسمى بعضهم المحذوف الذي لا يتم الكلام إلا به لحن الخطاب كقوله تعالى:( فمن كان منكم مريضا)..الآية.و ( واسأل القرية) أي: فخلق ففدية أو ففدية آخر إن خلق: " واسأل القرية "
وإن استعمل لفظ القرية اسما لمن حل فيها كأن من باب المجاز، وقيل: القرية موضوع بالشركة للقرية ولأهلها، فلفظها حقيقة في أهلها أيضا، والجمهور يسمون ذلك المحذوف دلالة اقتضاء، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم “ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان”، أي: إثمهما و إلا فالخطأ والنسيان موجودان في الأمة غير مرفوعين عنها.
وعد بعضهم لحن الخطاب بالمعنى المذكور قبل ذلك من المنطوق به، والجمهور على أنه من المفهوم دائما فحوى الخطاب مفهوم اتفاقا.
واعلم أن براءة الذمة هي الأصل وشغلها فرع، فلا يثبت واجب إلا بدليل، ولا ينفى بعد ثبوته إنها بدليل، ومن لم يتوضأ مثلا أو شك في التوضي فعليه أن يتوضأ، ومن توضأ وشك في نقضه لم يجب عليه أن يتوضأ، ولا فرض عند جمهورنا إلا بالشرع فلا يجب شيء لمجرد العقل خلافا للمعتزلة، ومن قال بقولهم وبراءة الذمة وشغلها قسمان من استصحاب الأصل.
ومنه قيل: قسم ثالث وهو التقليد؛ لأن الإنسان يستصحب ما قال له مقلد ( بفتح اللام)، والتقليد قبول القائل بلا دليل، وسمي استحسانا على طريق المجاز.
" إن الاستحسان ميل النفس إلى الشيء بلا دليل وإن قارنه دليل كان استحسانا محمودا ".
قيل: ومنه: ( فلنولينك قبلة ترضاها) ؛ أي تختارها وتميل إليها، وعليه طويل في شرحي على شرح مختصر العدد.
Shafi 17
وفي الكلام على ورقات جاءت من مصر في شأن الضرب والسلام وغير ذلك.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 7
الكاتب: الإدارة
التاريخ: 20-12-2004 10:40 : الفصل الثاني
الله عز وجل قديم خالق لما سواه ن لا تجري عليه صفة من صفات المخلوق، ولو جرت عليه للزم ما يلزم المخلوق من الحاجة والعجز، ولو كان حادثا لكان له محدث، لأنه لا يحدث الشيء نفسه كما مر ويحتاج هذا المحدث إلى محدث آخر.
وهكذا فإن انحصر العدد لزم الدور؛ محال لأنه يلزم عليه تقدم كل من المحدثين عن الآخر وتأخيره عنه، وذلك جمع بين متنافيين، ويلزم تقدم كل على نفسه وتأخيره وتوقف الشيء على نفسه، وإن لم ينحصر العدد لزم التسلسل وهو ترتيب أمور غير متناهية وهو محال لأنه يؤدي إلى فراغ ما لا نهاية له.
وأنه جمع من قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا عن صفة ربك ونسبه فاشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت صورة الإخلاص، فلما سمعوها منه قالوا: يا محمد هذا نسب يمنع من النسب نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله، فلقيهم أبو جهل لعنه الله، فقال لهم: قد أثر فيكم كلام محمد، فقالوا: والله ما هو كلامه وأنه يقرؤه علينا ونحن نراه فيه إلا مكتوبا وقوله هو عائد إلى الرب الذي سألوا عنه مبتدأ خبره الله وأحد خبر ثان أو يدل على قوله الرضا بحس إبدال النكرة غير الموصوفة من المعرفة أي أفادت ما لم تفد المعرفة وهو ضمير الشأن، والله مبتدأ خبره والجملة جر هو.
ومعنى أحد منفرد في الصفة كالوجوب واستحقاق العبادة، أو معناه أنه لا تركيب فيه أصلا، والواحد على الحقيقة هو الله، ألا ترى أن الواحد منا مثلا اثنان جسد وروح، ومن اثنين ذكر وأنثى وباثنين طعام وشراب، وفي اثنين ليل ونهار، وبين اثنين أرض وسماء، ومع اثنين حركة وسكون، ومركب من أجزاء والله تعالى بخلاف ذلك.
Shafi 18
وإثبات الله نفسه رد على الدهرية القائلين بأن الأشياء تكون ما هنالك إلا أرحام تدفع وأرض تبلع، وعلى التنويه القائلين بأن الأشياء تكونت من اثنين نور وظلمة، وفي أحد رد عليهم، أيضا فيما قيل ويتكلف أن الذي هو أهل للتكوين أحد لا اثنان ولا يخفى ضعفه.
وقوله: الصمد: رد على المجسمة القائلين بأنه جسم وأن له بطنا حاشاه، فإن معنى الصمد لا جوف له، والواضح أنه رد عليهم وعلى المشبهة وهم بعض من المشبهة بقوله سبحانه: ( ولم يكن له كفوا أحد).
وقيل: الصمد السيد الذي قد انتهى في السؤدد، وقيل: الصمد المقصود في طلب الحوائج، وهذا من لوازم القول فإن السيد مقصود في الحوائج، وقال الأغمش: السيد الذي لا يطعم.
قيل ونفي التقلب والنقائص كما نفى الكثرة والعدد بقوله: ( هو الله أحد
فالكثرة في الإجراء هو تعالى أحد؛ أي غير مركب من أجزاء والعدد في الجريات، ومعنى لفظ الجلالة جزي يمنع تصور معناه من الشركة والتعدد أو كل من الكثرة والعدد منفي بأحد على أن معناه أنه ليس جسما فيقبل القسمة وأنه واحد في العبادة.
وقوله: ( لم يلد ولم يولد ) ) رد على اليهود والنصارى والمشركين، فاليهود قالت: (عزير ابن الله)، والنصارى قالت: ( المسيح ابن الله)، والمشركون قالوا: الملائكة بنات الله.
ومن شأن الوالدان يكون مولودا فنفي الوالدية التي صرحوا بها والمولودية التي هي لازمة من قولهم، وفي نفي الوالدية ونفي المولودية نفي للعلة والمعلول فليس علة لوجود شيء وإنما يفعل بالاختيار، وزعمت الحكماء لعنهم الله أنه علة تامة في وجود الأشياء فقالوا تقدم العلم.
وقوله: ( ولم يكن له كفوا أحد ) رد على المشبهة، ومن التشبيه التجسيد وإثبات تحيز الذات وتحريف الصفات، وهو أيضا نفي للأضداد والأشكال، وضد الشيء ما يزايله فلا يجتمع معه، وشكل الشيء ما يساويه.
Shafi 19
والكفو القرين والنظير والشبيه، والشبه الشريك في بعض الأوصاف، والمثل الشريك في كلها أو جلها. وفي تفسيرنا مباحث في هذه السورة.
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 8
الكاتب: الشيخ محمد بن يوسف إطفيش
التاريخ: 20-12-2004 10:53 : الفصل الثالث:
الله اسم مشتق من السمو وهو الارتفاع عند البصريين، فالله جل وعلا لم يزل مسمى وموصوفا قبل وجود المخلوقات وبعد وجودها وبعد فنائها لا تأثير لهم في أسمائه وصفاته، وذلك معتقدنا ومعتقد الأشعرية.
أو مشتق من السمة وهي العلامة عند الكوفيين، قالت الكفار والمعتزلة: كان الله في الأزل بلا اسم ولا صفة وهذا خطأ فاحش، ولا يخفى أن الاسم إذا أريد به اللفظ غير المسمى، وإذا أريد به المعنى فهو غير المسمى، وهذا في قولك اسم بالهمزة والسين والميم في سائر الأسماء كزيد وعمرو، وإذا أطلق لفظ عمرو ولفظ زيد على الحروف الملفوظة بها كقولك عمرو وزيد ثلاثيا، أو مبتدأ أو خبر أو فاعل أو نحو ذلك فمجاز من تسمية الدال باسم المدلول أو على المسمى، فحقيقة عكس قولك اسم وأصل الله آلاه؛ أي عال حذفت همزته وعرض عنها أل، وليس حذفها قياسا لأنها متحرك، وبدليل وجود التعويض وإدغام الدال في لام الله، ولو كان قياسا لما وجب التعويض والإدغام لأن المحذوف قياسا في حكم الثابت.
فيلزم أن الهمزة في حكم المذكور فلا يعرض عنها وإن لا يعتبر اتصال اللامين حتى تدعم لام أل في الله لأن الهمزة فاصلة في حكم الذكر وذلك هو الصحيح.
وقال أبو البقاء: أصله آلا لاه نقلت كسرة الهمزة إله لآم أل الساكنة قبلها، فحذفها قياسي لسكونها بعد النقل، ثم حذفت كسرة لام وأدغمت، وهذا الإدغام شاذ لأن أول الشيء فيه متحرك سكن لأجل الإدغام كالعلة بخلاف الإدغام على الوجه الأول، فقياسي لبقاء لام أل على سكونه.
Shafi 20