Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
[البقرة: 31] فلم يكن لهم مفزع إلا الإقرار بالعجز والتبري إليه أن يعلموا إلا ما علمهم بقولهم: { قالوا سبحنك لا علم لنآ إلا ما علمتنآ } فكان في ذلك أوضح الدلالة وأبين الحجة على كذب مقالة كل من ادعى شيئا من علوم الغيب من الحزاة والكهنة والقافة والمنجمة. وذكر بها الذين وصفنا أمرهم من أهل الكتاب سوالف نعمه على آبائهم، وأياديه عند أسلافهم، عند إنابتهم إليه، وإقبالهم إلى طاعته مستعطفهم بذلك إلى الرشاد، ومستعتبهم به إلى النجاة، وحذرهم بالإصرار والتمادي في البغي والضلال، حلول العقاب بهم نظير ما أحل بعدوه إبليس، إذ تمادى في الغي والخسار. قال: وأما تأويل قوله: { قالوا سبحنك لا علم لنآ إلا ما علمتنآ } فهو كما: حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: قالوا: { سبحنك } تنزيها لله من أن يكون أحد يعلم الغيب غيره ، تبنا إليك، لا علم لنا إلا ما علمتنا: تبرءوا منهم من علم الغيب، إلا ما علمتنا كما علمت آدم. وسبحان مصدر لا تصرف له، ومعناه: نسبحك، كأنهم قالوا: نسبحك تسبيحا، وننزهك تنزيها، ونبرئك من أن نعلم شيئا غير ما علمتنا.
القول في تأويل قوله تعالى: { إنك أنت العليم الحكيم }. قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: أنك أنت يا ربنا العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما هو كائن، والعالم للغيوب دون جميع خلقك. وذلك أنهم نفوا عن أنفسهم بقولهم: { لا علم لنآ إلا ما علمتنآ } أن يكون لهم علم إلا ما علمهم ربهم، وأثبتوا ما نفوا عن أنفسهم من ذلك لربهم بقولهم: { إنك أنت العليم } يعنون بذلك العالم من غير تعليم، إذ كان من سواك لا يعلم شيئا إلا بتعليم غيره إياه. والحكيم: هو ذو الحكمة. كما: حدثني به المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، العليم: الذي قد كمل في علمه والحكيم: الذي قد كمل في حكمه. وقد قيل: إن معنى الحكيم: الحاكم، كما أن العليم بمعنى العالم، والخبير بمعنى الخابر.
[2.33]
قال أبو جعفر: إن الله جل ثناؤه عرف ملائكته الذين سألوه أن يجعلهم الخلفاء في الأرض ووصفوا أنفسهم بطاعته والخضوع لأمره دون غيرهم الذين يفسدون فيها ويسفكون الدماء، أنهم من الجهل بمواقع تدبيره ومحل قضائه، قبل إطلاعه إياهم عليه، على نحو جهلهم بأسماء الذين عرضهم عليهم، إذ كان ذلك مما لم يعلمهم فيعلموه، وأنهم وغيرهم من العباد لا يعلمون من العلم إلا ما علمهم إياه ربهم، وأنه يخص بما شاء من العلم من شاء من الخلق ويمنعه منهم من شاء كما علم آدم أسماء ما عرض على الملائكة ومنعهم علمها إلا بعد تعليمه إياهم. فأما تأويل قوله: { قال يآءادم أنبئهم } يقول: أخبر الملائكة. والهاء والميم في قوله: { أنبئهم } عائدتان على الملائكة، وقوله: { بأسمآئهم } يعني بأسماء الذين عرضهم على الملائكة. والهاء والميم اللتان في «أسمائهم» كناية عن ذكر هؤلاء التي في قوله:
أنبئوني بأسمآء هؤلاء
[البقرة: 31] { فلما أنباهم } يقول: فلما أخبر آدم الملائكة بأسماء الذين عرضهم عليهم، فلم يعرفوا أسماءهم، وأيقنوا خطأ قيلهم:
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك
[البقرة: 30] وأنهم قد هفوا في ذلك وقالوا: ما لا يعلمون كيفية وقوع قضاء ربهم في ذلك، لو وقع على ما نطقوا به، قال لهم ربهم: { ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموت والأرض } والغيب: هو ما غاب عن أبصارهم فلم يعاينوه توبيخا من الله جل ثناؤه لهم بذلك على ما سلف من قيلهم وفرط منهم من خطأ مسألتهم، كما: حدثنا به محمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك عن ابن عباس: { قال يآءادم أنبئهم بأسمآئهم فلمآ أنبأهم بأسمآئهم } يقول: أخبرهم بأسمائهم، { فلمآ أنبأهم بأسمآئهم قال ألم أقل لكم } أيها الملائكة خاصة { إني أعلم غيب السموت والأرض } ولا يعلمه غيري. وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قصة الملائكة وآدم، فقال الله للملائكة: كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علم، إنما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها، هذا عندي قد علمته فكذلك أخفيت عنكم أني أجعل فيها من يعصيني ومن يطيعني. قال: وسبق من الله:
لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
قال: ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه. قال: فلما رأوا ما أعطى الله آدم من العلم أقروا لآدم بالفضل. القول في تأويل قوله تعالى: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون }. قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فروى عن ابن عباس في ذلك ما: حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: { وأعلم ما تبدون } يقول: ما تظهرون { وما كنتم تكتمون } يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية.
Shafi da ba'a sani ba