Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار. وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال قولهم:
أتجعل فيها من يفسد فيها
فهذا الذي أبدوا، { وما كنتم تكتمون } يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر. وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير قوله: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال: ما أسر إبليس في نفسه الكبر. وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان في قوله: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال: ما أسر إبليس في نفسه من الكبر أن لا يسجد لآدم. وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحجاج الأنماطي، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، قال: سمعت الحسن بن دينار، قال للحسن ونحن جلوس عنده في منزله: يا أبا سعيد أرأيت قول الله للملائكة: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } ما الذي كتمت الملائكة؟ فقال الحسن: إن الله لما خلق آدم رأت الملائكة خلقا عجيبا، فكأنهم دخلهم من ذلك شيء، فأقبل بعضهم إلى بعض، وأسروا ذلك بينهم، فقالوا: وما يهمكم من هذا المخلوق إن الله لم يخلق خلقا إلا كنا أكرم عليه منه. وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } قال: أسروا بينهم فقالوا: يخلق الله ما يشاء أن يخلق، فلن يخلق خلقا إلا ونحن أكرم عليه منه. وحدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } فكان الذي أبدوا حين قالوا:
أتجعل فيها من يفسد فيها
[البقرة: 30] وكان الذي كتموا بينهم قولهم: لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا نحن أعلم منه وأكرم. فعرفوا أن الله فضل عليهم آدم في العلم والكرم. قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس، وهو أن معنى قوله: { وأعلم ما تبدون } وأعلم مع علمي غيب السموات والأرض ما تظهرون بألسنتكم { وما كنتم تكتمون } وما كنتم تخفونه في أنفسكم، فلا يخفى علي شيء سواء عندي سرائركم وعلانيتكم. والذي أظهروه بألسنتهم ما أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم قالوه، وهو قولهم:
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك
[البقرة: 30] والذي كانوا يكتمونه ما كان منطويا عليه إبليس من الخلاف على الله في أمره والتكبر عن طاعته لأنه لا خلاف بين جميع أهل التأويل أن تأويل ذلك غير خارج من أحد الوجهين اللذين وصفت، وهو ما قلنا. والآخر ما ذكرنا من قول الحسن وقتادة. ومن قال: إن معنى ذلك كتمان الملائكة بينهم لن يخلق الله خلقا إلا كنا أكرم عليه منه فإذ كان لا قول في تأويل ذلك إلا أحد القولين اللذين وصفت ثم كان أحدهما غير موجودة على صحته الدلالة من الوجه الذي يجب التسليم له صح الوجه الآخر. فالذي حكي عن الحسن وقتادة ومن قال بقولهما في تأويل ذلك غير موجودة الدلالة على صحته من الكتاب ولا من خبر يجب به حجة. والذي قاله ابن عباس يدل على صحته خبر الله جل ثناؤه عن إبليس وعصيانه إياه إذ دعاه إلى السجود لآدم، فأبى واستكبر، وإظهاره لسائر الملائكة من معصيته وكبره ما كان له كاتما قبل ذلك. فإن ظن ظان أن الخبر عن كتمان الملائكة ما كانوا يكتمونه لما كان خارجا مخرج الخبر عن الجميع كان غير جائز أن يكون ما روي في تأويل ذلك عن ابن عباس ومن قال بقوله من أن ذلك خبر عن كتمان إبليس الكبر والمعصية صحيحا، فقد ظن غير الصواب وذلك أن من شأن العرب إذا أخبرت خبرا عن بعض جماعة بغير تسمية شخص بعينه أن تخرج الخبر عنه مخرج الخبر عن جميعهم، وذلك كقولهم: قتل الجيش وهزموا، وإنما قتل الواحد أو البعض منهم، وهزم الواحد أو البعض، فتخرج الخبر عن المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم كما قال جل ثناؤه:
إن الذين ينادونك من ورآء الحجرات أكثرهم لا يعقلون
[الحجرات: 4] ذكر أن الذي نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية فيه، كان رجلا من جماعة بني تميم، كانوا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخرج الخبر عنه مخرج الخبر عن الجماعة، فكذلك قوله: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } أخرج الخبر مخرج الخبر عن الجميع، والمراد به الواحد منهم.
[2.34]
Shafi da ba'a sani ba