وقد قال بعض المحتجين: إن الإجماع كان قبل حدوث واصل بن عطاء أن الناس على مقالتين:
فقال قوم: إن من ركب الكبيرة مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته.
وقال آخرون: هو كافر بركوبه الكبيرة من الذنوب حتى حدث واصل بن عطاء ففارق الإجماع، وقال: "إن راكب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر"، فخرج من الإجماع وما اتفق عليه المسلمون.
وقد بينا أن راكب الكبيرة فاسق، والكفر به لاحق، واسم كافر وظالم وضال وفاسق به لاحق.
وقد قال الله: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم}، فأحبط إيمانهم بموادة الكافر.
وقال: {قالت الأعراب آمنا} |قال الله لنبيه|: {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} يعني: استسلمنا خشية على دمائنا، ولم يكن تصديقهم إيمانا يوجب لهم ثبوت الإيمان، حتى يستكملوا التصديق به والعمل به والعمل بما أقروا به وصدقوا.
وقال الله: {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} فجعل ذلك مما يحبط أعمالهم.
وقال: {النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير}، وقد وعد الفاسق النار.
وقد قال: {تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا}، وقال: {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار}، /49/ وإنما وعد الجنة المؤمنين ولم يعدها الكافرين ولا الفاسقين، والذين قالوا: إن الفاسق الذي فسق لا مؤمن ولا كافر يوجبون على الفاسق العذاب بفسقه.
Shafi 68