وقد قال الله في إبليس -لعنه الله-: {ففسق عن أمر ربه}، فله النار بركوبه الذنب وإصراره عليه، وسماه الله كافرا فقال في إبليس: {وكان من الكافرين}، وقد بين الله أحكامه في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ولا يرفع به الأهواء، وقد بين لكل ذي لب بما تلونا أن الفاسق لاحق به اسم الكافر بالنعم.
ولو جاز أن يقول قائل: إن من كان معه إيمان وركب كبيرة لا مؤمن ولا كافر لجاز لغيره أن يقول: هو لا مؤمن ولا هو كافر ولا فاسق، فلما فسد عندنا وعندهم أنه لا يسمى مؤمنا فهو كافر؛ لأن الناس إما مؤمن وإما كافر، وإما سعيد وإما شقي، وقد قال: {إما شاكرا وإما كفورا}، وقد قال: {ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم}، فليس [هناك] منزلة ثالثة كما قالت المعتزلة في ذلك.
فإن قال قائل من الحشوية: إنه مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته.
قيل له: فإذا لا يضره ما ركب من الكبائر التي حرمها الله، قال الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم] ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا}، وهذا مقر مصدق قد ركب ما وصفناه، فإن كان مؤمنا له -عندهم- الجنة، فقد نقضوا كتاب الله في قولهم.
Shafi 69