وكذلك قال: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليآؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات}، من الإيمان إلى الكفر، فجعل الكفر ظلمة وظلاما، وهو الكفر والظلم، وقد اجتمعت الدلالة في كتاب الله صفة الظالم والكافر والفاسق والمنافق في معنى واحد، وقد بينه الله في كتابه، وقال: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}.
فإن قال: فهل يلحق اسم الشرك اسم النفاق، إذ قد لحقهما اسم الكفر عندك؟
قيل له: لا يلحق في التسمية؛ لأن المنافق أقر ثم خادع في العمل، وكفر إذ ركب النهي الذي أقر به، وظلم إذ امتنع من العمل بالإيمان الذي أقر به، ويلزمه الحد الذي ركب في الإسلام بنفاقه، ألا ترى أن الحدود على المقرين بها، والمنافق عليه الحدود، ولو كان مشركا لسقط عنه الحد؛ فلما كان عليه حد ما أقر به، باتفاق المسلمين زال عنه اسم الشرك؛ لأن المشرك لا يلزمه الحد، إذ الحدود ساقطة /48/ عن المنكرين لها، لازمة المقرين بها.
كذلك الفاسق ساقط عنه اسم الشرك؛ لأنه يلزمه الحد باتفاق المسلمين.
فأما الظالم فإن كان منكرا لم يلزمه حد، والمقر يلزمه الحد باتفاق بإقراره وإن كان ظالما، كذلك الكافر إن كان منكرا جاحدا لم يلزمه الحد، وإن كان مقرا لزمه الحد، فهذا الفرق في التسمية، بين من سمينا من هذه الأسماء.
مسألة: [في معنى الفاسق]
- وسأل فقال: ما تقول فيمن قال: إن الفاسق لا مؤمن ولا كافر؟
قيل له: لو كان كذلك لكان لا موحدا ولا ملحدا، ولا كان منه كفر ولا إيمان، ولكان لا وليا ولا عدوا، فلما استحال ذلك فسد قول من قال: إن الفاسق لا مؤمن ولا كافر؛ لما بينا فيما تقدم قبل هذا الخبر معنى الفسق، وأن اسم الكفر لاحق.
Shafi 67