قال جالينوس إن ابقراط يسمى الرض والفسخ باسم يقع فى هجائه باليونانية اختلاف ويتهجاه هو على ما يتهجاه أهل ايون والفسخ والرض يكون عندما يقع على البدن شىء ثقيل فيمزق اللحم فى المثل ويفدغه لأن الفسخ إنما يحدث فى اللحم فإذا كان اللحم الذى قد تفسخ وتفذع يصب إلى الموضع الذى تحت الجلد دما سمى ذلك باليونانية اقخوموما وتفسيره الأثر الحادث عن دم يحتقن تحت الجلد ونحن نسمى هذه العلة انصبابا وأثرا والأمر فى هذه العلة معلوم أنها إنما تكون إذا لم ينخرق الجلد وقد ينشق وينخرق مع اللحم عروق صغار وأما الهتك فيحدث فى ليف العضل إذا تمدد فضل تمدد يمزق به بعضه ومن بعد الهتك ذكر ابقراط التربل وهذا اسم من عادته أن يسمى به كل غلظ خارج عن الطبع وأما من جاء من بعده فقد قسموا هذا الغلط إلى ثلاثة أقسام فسموا أحدها فلغمونى والآخر ورما جاسيا والثالث هذا الذى خصه هو باسم التربل وأما ابقراط فمتى قال فلغمونى فإنما يريد به الالتهاب ومن الالتهاب سمى الورم الحار باليونانية فلغمونى وهاهنا نوع آخر خارج عن هذه الثلاثة وهو الورم المعروف بالجمر وهو ورم ملتهب أبدا ولكنه ليس يكون أبدا نافرا فهذه الحال كلها التى عددها ابقراط بأسماءها لها مداواة تدخل فى باب التدبير وفى باب استعمال الأدوية وهى غير هذه التى نذكرها هاهنا فأما مداواتها الداخلة فى باب ما يعالج باليد فإنما تكون من جهة الرباط ولا سيما متى كانت إنما حدثت عن رباط كان متقدما فإن كلامه هاهنا إنما هو فيما هذا سبيله منها وذلك أن قوله ما يثور عن الضربة إنما يدل على أن هذه كأنها تندفع أو تنتو وترتفع ومن المفسرين قوم يكتبون مكان يثور ينتو فيصير قولا صراحا لا يحتاج إلى تفسير وأما رباط هذه العلل فابقراط فى كتاب الكسر يجعله من العضو الذى فيه التربل وهاهنا يجعله من الضربة والأمر فى قوله ضربة معلوم أنه إنما يريد به الآفة النازلة بالعضو وبين هذا الرباط الذى ذكره هاهنا وبين رباط الكسر من المباينة والخلاف أن جل إمعان الرباط وذهابه فى هذا الموضع إنما يأمر أن يجعل إلى فوق ويجعل منه شىء يسير إلى أسفل وأما قوله بعد ألا تكون اليد أو الرجل منكسة فهو شىء عام لهذا الرباط ولرباط الكسر ولكنه أعاد ذكره هاهنا أيضا لأنه أمر له أعظم القوة والموقع فى هذه العلل التى ذكرها هاهنا فأراد أن ينبهنا كيما لا نسهو فندع هذين العضوين بالتوانى منا على غير ما ينبغى كما من عادتنا أن نفعل ذلك مرارا كثيرة فنجلب بذلك مضرة وآفة عظيمة لأن من شأنه فى جميع ما إذا جرى أمره مجرى جيدا كانت له منفعة ذات قدر يعتد به أو مضرة أن لا يكسل عن إعادته والتذكرة به دائما متصلا وأما كل شىء يعلم أن منفعته أو مضرته يسيره فقد يكتفى فيه مرارا كثيرة بأن يذكره مرة واحدة فالكسر إذا ربط من ساعته قبل أن يتورم العضو العليل أو تحدث فيه واحدة من العلل التى ذكرها كانت العناية بأمره فى أن لا ينصب إلى العضو العليل شىء من المادة شبيهة بهذه العناية التى تكون فى أمر الأعضاء التى تحدث بها هذه العلل المذكورة هاهنا فأما العناية بأن ينحل ما قد احتقن فى العضو العليل فليس هى هناك مثلها هاهنا ومن أجل ذلك زاد فى ذكره لرباط هذه العلل استعمال الصب عليها لا أنه فى مواضع الكسر لا يستعمل الصب أصلا لكن لأنه هاهنا يستعمله أكثر وذلك لأن ما هذا سبيله من العلل الحاجة إلى صب الماء الحار عليها ليتحلل ما قد حصل واحتقن فيما هو وارم منها أكثر وكذلك نجد ابقراط فى هذا الموضع الذى ذكر فيه أمر العقب إذا كان الإنسان قد ظفر [عليه] من موضع مرتفع فحدث فيه أثر الدم المحتقن تحت الجلد لما وصف الأشياء التى ينبغى أن يداوى بها أضاف إليها وزاد معها أيضا هذا لما فيه من المنفعة أعنى أن يصب عليه ماء حار كثير جدا وكذلك أيضا الاستيثاق من العضو المربوط بكثرة الخرق لا لشدة غمزها عليه هو شىء قد قاله فى الكسر إلا أن الانتفاع به فى هذه العلل التى ذكرها هاهنا أعظم كيما لا يضغطها الرباط ويتحلل ما قد حصل فى العضو العليل وبهذا السبب يجعل الرباط هاهنا خلوا من الجبائر حتى يكون مباينا لرباط الكسر فى شيئين أعنى فى أن هذه الأعضاء العليلة أقل من حاجة إلى الغمز عليها بالرباط وفى أنها أكثر حاجة إلى أن يتحلل ما قد حصل فيها ولهذا خاصة أمر أن تكون الخرق التى تستعمل فى رباط هذه العلل خفيفة الوزن رقاقا لينة نظافا لأن الأعضاء التى حاجتها إلى تحليل ما قد حصل فيها أكثر وحاجتها إلى الغمز عليها أقل هى إلى مثل هذه الخرق أحوج كثيرا من غيرها وزاد فى قوله أن العلل التى يراد مداواتها بالرباط الذى ذكره ينبغى أن يكون كل واحد منها خلوا من الورم لأن الأعضاء الوارمة لا تحتمل غمز الرباط عليها إذا كان معتدلا فدع إذا كان شديدا ومن أجل ذلك إنما نداويها بالأضمدة ومواصلة صب الماء الحار عليها وبالأدوية الرطبة التى تنفع الأورام
قال ابقراط وأما ما يزلق أو يلتوى أو يفارق أو يفلت أو يندق أو يتخبل بمنزلة الأعضاء التى قد زمنت ومالت إلى جانب فبأن يطأطأ لها من حيث خرجت ويشد عليها إلى جنب كيما تميل إلى ضد الناحية إذا ربطت أو قبل أن تربط يكون أكثر قليلا من الحال المتساوية فى الرباط وفى الرفائد وفى التسوية والتقويم ونقصد لهذه أيضا بالصب عليها بمقدار أكثر
Shafi 62