[book 2]

العادل المفترض فى مداواة الكسر

قال ابقراط وأما فى هذه فأعظم الأمور من الرباط أما فى الغمز فكيما لا يتبزأ من العضو ما هو موضوع عليه ولا يضغطه لكن يلقى عليه من غير أن يزيده ضيقا يكون ذلك فى الأطراف الأقاصى أقل أما فى المواضع الوسط فإما على أقل ما يكون وإما ألا يكون أصلا

قال جالينوس ابقراط يقول إن أعظم الوصايا فيما يتعلمه الإنسان من نوع شدة الرباط أن يكون ما هو موضوع على العضو العليل يعنى بذلك الخرق ليست متبزئة من الجلد ولا ضاغطة له لكن تكون لاطئة عليه يعنى أن تكون لازمة له لزوما وثيقا من غير أن يزيد فى لزومها له التضييق عليه إنما معناه عنده أن تكون الخرق تلتف على العضو العليل التفافا عنيفا شديدا حتى يؤلمه ويوجعه وهذه الوصايا التى أوصى بها فى مقدار ضغط الخرق للعضو ينبغى أن لا نتوانى عنها فى الموضع الوسط من الرباط حيث العلة أصلا أو إن وقع فى شىء منها توان كان ذلك على أقل ما يكون وأما فى أطراف الرباط فينبغى أن نقدم العناية بذلك هناك أيضا لا محالة لكن بأقل من عنايتنا به فى وسط الرباط وذلك أن أجمل الأمور وأحمدها أن يكون الصانع معرى من الغلط والخطاء فإن أخطأ وغلط فى بعض الأوقات خطاء وغلطا يسيرا فينبغى أن يكون غلطه وخطاءه من الأعضاء ومن العلل حيث تكون المضرة الحادثة عنه أقل وأهون وأما حيث تكون المضرة من الغلط والخطاء مضرة ذات قدر يعتد به فإما أن لا يكون هناك غلط ولا خطاء أصلا وإما أن يكون ذلك على أقل ما يكون

قال ابقراط العقد والخيط يكون إمعانه فى ذهابه لا إلى ناحية أسفل لكن إلى ناحية فوق فى الإعطاء والإمساك وفى الرباط وفى الضغط

Shafi 10

Shafi 12

Shafi 14

قال جالينوس أما السبب الذى مكانه أدخل فى الكلام فى الرباط الكلام فى هذه فينظر فيهما بعد وأما الآن فأولى الأمور بأن نجعل أول ما نلتمس فهم ما قال فإن المفسرين قد اختلفوا فيه وذلك أن منهم من فهم عنه قوله إلى ناحية فوق وإلى ناحية أسفل فهما مطلقا أنه إنما أراد به مسافة الطول ومنهم من فهم عنه أنه إنما أراد بذلك مسافة العمق ولم يشرح ولا الواحد من الفريقين ما أراد بقوله إمعان وذهاب لا فى العقد ولا فى الخيط وأنا أقول إن الأمر عند جميع الناس واضح انه إنما عنى بقوله عقد الشىء الذى يكون من الرباط إذا ربط الواحد من طرفى الخرقة بالآخر أو شق أحد طرفيها فصارت منه زاويتان تربط إحداهما بالأخرى وربما زيد عليهما مرارا كثيرة آخر ثالث وهو الذى يسمى قيد فربطا به من خارج وكذلك الأمر فى قوله خيط إنما يريد به الشكل الذى يدخل فى ثقب الإبرة إما لنجمع به جزءى جسم قد تفرقا بقطعنا له فاحتاج أن يخاط وإما لنخيط به طرف الخرقة التى يربط بها العضو مع أجزاءها المتقدمة التى قد صارت على العضو من تحت الطرف وكلامه هذا الخاص إنما هو فى الخيط الذى يهيأ لهذه المنفعة فهو يأمر أن يكون ذهاب هذا الخيط وإمعانه إلى فوق وقد كان ينبغى أن يعلمنا هو ما معناه فى الذهاب والإمعان وما الذى يريد به إذ كان قد نجده مرارا كثيرة يستعمل هذا الاسم ويصرفه على ذهاب الرباط وإمعانه منذ ابتدائه إلى منتهاه من ذلك أنه فى كتاب الكسر قد أمرنا أن نضع مبدأ الرباطين كليهما على نفس الكسر ثم نذهب ونمعن بالذى وضعناه أولا إلى فوق ونذهب ونمعن بالرباط الثانى فى أول الأمر إلى أسفل ثم نأخذ به أيضا إلى فوق فأراد بقوله ذهاب وإمعان الشىء الذى هو بمنزلة المسير للرباط وهو الذى نفعله نحن فى بدن المريض بلفنا عليه الخرق عند أول موضع نضعها عليه حتى ننتهى إلى أقصى موضع يحتاج إلى ذلك منا وبقياس ذهاب الرباط وإمعانه معنى ذهاب الخيط وإمعانه وذلك أنه لما كانت الإبرة قد يمكن فيها أن تنفذ وتمضى منكسة من فوق إلى أسفل ويمكن فيها خلاف ذلك وهو أن تنفذ وتمضى قائمة منتصبة إلى فوق ويمكن فيها أيضا أن لا تميل فى نفوذها ومضيها لا إلى واحدة من الناحيتين لكن تمر غير زائلة عن الاستقامة إما من الجانب الأيسر إلى الجانب الأيمن وإما من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر يأمر هو أن نمر بها فى كل وقت وفى كل موضع إلى ناحية فوق فإن كان الذى يحتاج أن يخاط إنما هو طرف الرباط بالجزء الذى هو منه تحت الطرف فقط فلا بد لنا ضرورة فى الرباط الذى لا حاجة بنا فيه إلى أعضاء مخالفة الوضع بمنزلة ما يتهيأ لنا ذلك فى الساعد وفى العضد وفى الفخذ وفى الساق من أن نجعل الإبرة تذهب إما من الجانب الأيسر إلى الجانب الأيمن وإما على خلاف ذلك وفى الوجهين كليهما نروم أن نجعل ذهابها منعرجا إلى فوق فأما الرباط الذى نحتاج فيه إلى أعضاء موضوعة فى خلاف الناحية التى فيها العضو الذى يربط بمنزلة ما يتهيأ ذلك فى الكتف وفى الورك فينبغى لنا أن نلتمس تصيير ذلك بطرف الخرقة ومنتهاها ذاهبا إلى فوق ثم ندخل الإبرة ونغرزها هناك من أسفل إلى فوق ونجعل الخياطة خياطة إذا اجتذبنا بها الخيط لا نجذب به الجزء المرتفع من أجزاء الخرقة إلى أسفل بل نجذب به الجزء الأسفل منها إلى فوق لأن هذين أمران قد يمكن أن نفعلهما جميعا فى تلفيفنا أجزاء الخرقة معا بالخياطة ولكن ينبغى لنا من بعد ما ننفذ الإبرة والخيط فى الخرق أن نمد الجزء الأسفل من الخيط إلى فوق ولا نمد الجزء الأعلى منه إلى أسفل ويكون غرضنا فى ذلك أن نكون نجتذب ونشيل بالأجزاء العالية من الخرقة الأجزاء التى هى أسفل وهذا شىء يأمرنا أن نفعله فى جميع الأوقات أعنى فى الوقت الذى يدفع المريض عضوه العليل إلى الأطباء ليتعرفوا علته وفى هذا الوقت الذى يهيئونه الأطباء للعلاج باليد وفى الوقت الثالث وهو وقت عمل ما يعمل باليد مما الرباط جزء منه وفى الوقت الرابع فسمى الوقت الأول فى الإعطاء وسمى الثانى فى الإمساك وسمى الثالث فى الرابط وسمى الرابع فى الضغط وقد غير قوم اسم الضغط باليونانية فجعلوه الإمساك فيما بعد وأنا لهذا أكثر استصوابا وذلك أن ابقراط أيضا فيما مضى من هذا الكتاب قد سمى مثل هذا الوقت إمساكا فيما بعد وأمر ابقراط معلوم أنه كما يريد أن يكون الأعضاء المربوطة تحفظ فى جميع الأوقات على نصبة واحدة كذلك يريد أن يكون ذهاب الرباط والخيط دائما إلى فوق فيكون أولا طرف خرقة الرباط يمد إلى فوق ويمسك هناك بوثاقة ويكون جميع الرباط على مثل ذلك بما يكتسبه من هذا الطرف ولكن هاهنا شىء يستحق أن يستقصى البحث عنه والنظر فيه وهو شىء قد أغفله جميع المفسرين وتركوه غير مشروح وهو أن ذهاب الرباط والخيط وإمعانهما ينبغى أن يكون فى الوقت الذى يدفع المرضى أنفسهم إلى الأطباء كمثل ما يكون فى سائر الأوقات الأخر إلى الناحية العليا من العضو فإن الناس الذين يأتون الطبيب منهم قوم يأتونه وهم يمشون بأرجلهم ومنهم قوم يأتونه وهم محمولون بحسب ما يرى كل واحد منهم أن يجعل عمله وفى بعض الأوقات يأتونه وأعضاؤهم العليلة معلقة تعليقا أو مربوطة فقط وفى بعضها تكون تلك الأعضاء منهم جامعة الأمرين أعنى مربوطة معلقة وإذ كان الأمر على هذا فهم المسلطون على العقد وعلى الخيوط لا الأطباء الذين يريدون أن يتبينوا أحوالهم ويعالجوهم وعسى أن يكون ابقراط يرى من الرأى أن أصحاب العلل قد يحتاجون مرارا كثيرة إلى الأطباء فى ذلك الوقت من ذلك أن الناس قد يصابون مرارا كثيرة وهم على سفر أو فى صحراء من ضربة تنالهم أو جراحة يحتاج فيها إلى جمع عدة كثيرة من الأطباء وإلى نظر شاف مستقصى وإلى أبواب أخر أو أدوية أو خرق أو نطولات بها تكون مداواتهم وليس منها واحد يوجد فى الصحراء ولا فى السفر فإذا وجدوا فى ذلك الوقت ربطوا أعضاءهم العليلة وعلقوها بما يتهيأ لهم من الخرق ومن المعلوم أنه إن احتاج أن يقيد الرباط بعقد يعقده أو بخياطة يخيطها فعل من ذلك ما يحتاج إليه فعل صواب وكذلك أيضا إن دفع المريض نفسه فى المدينة إلى الأطباء المألوفين ليتعرفوا أولا ما أصابه من العلة تعرفا شافيا ثم يردوا بعد ذلك المفاصل إن كانت انخلعت إلى مواضعها أو ليجبروا ويقوموا ويصلحوا العظام إن كانت انكسرت أو ليخيطوا جراحة إن كانت وقعت أو ليشدوا فسخا إن كان عرض ويعنوا به العناية الموافقة له كان الأمر واضحا أن الأطباء يربطون الرباط الذى ينبغى ثم انهم من بعد الرباط يحرصون على استبقاء العضو وحفظه بالشكل والنصبة التى أرادوها بعينها

قال ابقراط المبادئ ينبغى أن توضع لا على القرحة لكن حيث العقد

Shafi 16

Shafi 18