ولا يصح أن يقال: إن اشتغالهم بالحروب صرفهم عن المعارضة ، وأقطعهم دونها ، وصدهم عنها ، لأنه كان بين مبعثه صلى الله عليه وآله وأول وقعة عظيمة وقعت بينه وبينهم وهي وقعة بدر نحو (¬1) من خمسة عشر سنة . فأين كانوا طول هذه المدة ؟!
ثم كان بين وقعة بدر ووقعة أحد نحو سنة ، ثم من بعد ذلك أيضا لم تكن الوقائع بحيث لا تنفس ، ولا ترجيىء (¬2) من الأعنة ، وكثير من تلك الوقائع هم الذين كانوا يبتدأونها .
فهل عدلوا عنها إلى المعارضة لوكانت ممكنة لهم ؟! على أن الحروب لا تمنع من المعارضات ، وهذا واضح .
ولا يصح أن يقال: إنه خفي عليهم أن المعارضة أجدى عليهم ، وأدنى إلى ما طلبوه من توهين أمره ، لما بيناه من قبل أن ذلك مما لا يجوز أن يخفى على المراهقين ، فضلا عن العقلاء ، وأن العلم بذلك من علوم الضرورة .
فإن قيل: ما أنكرتم أن تكون الدواعي دعتهم إلى تكذيبه وإبطال دعواه ، وتوهين أمره دون معارضة إذ كان ذلك غرضهم ومرادهم ؟ فمن أين لكم أن الدواعي دعتهم إلى المعارضة ؟!
Shafi 126