ولا يصح أن يقال: إن القوم مالوا إلى طلب الراحة ، من الاشتغال بالمعارضة ، لأنهم قد باشروا بمعاداته صلى الله عليه وآله أمورا هي أكثر تعبا ، وأشد نصبا ، وأعظم خطرا من المعارضة .
فإنهم بذلوا الأموال والمهج ، وحاربوا حتى قتلوا وقتلوا ، وفرقوا كلمة العشيرة ، وقطعوا الأرحام القريبة ، وواصلوا أولي الأسباب البعيدة ، ولا يخفى على أحد من العقلاء أن المعارضة لو أمكنتهم كانت (¬1) تكون أقوى مشقة ، وأقرب متناولا ، وأيسر مطلبا ، وأذهب مع الراحة ، وأدنى إلى السلامة .
ولا يصح أن يقال: إنهم آثروا الابقاء على رسول الله صلى الله عليه وآله واحتشموه وكرهوا مكاشفته ، لأن القوم لم يدعوا من قبح معاملته عليه السلام بابا إلا قرعوه ، بل ولجوه . حتى حملوا أختانه على طلاق بناته صلى الله عليه وآله ، فقالوا: نشغله بهن حتى لا يتفرغ إلى ما هو فيه ، فأجابهم إلى ذلك عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب ، وردهم أبو العاص بن الربيع (¬2) .
Shafi 124