فأما أن يكون العدد الكثير من العقلاء ، تمر عليهم السنون ، وتكر عليهم الأعوام ، وهم على ضرب من السهو فيما يكون العلم به ضرورة . ولا يتنبهون عليه ، ولا يتنبه عليه واحد منهم ، على مر الزمان ، وتطاول الأعوام ، فذلك مما يستحيل ، ولا يجوز توهمه .
فإن قيل: إن القوم كانت لهم صوارف صرفتهم عن الاشتغال بالمعارضة . فقابلت تلك الصوارف تلك الدواعي التي دعتهم ، ولا يمتنع في الدواعي والبواعث أن تقابلها (¬1) الصوارف ، فلا يحصل الفعل الذي دعت الدواعي إليه ، وإن كان ممكنا غير متعذر (¬2) ؟!
قيل له: لا سبب إلى ادعاء صوارف مجهولة ، ولا صوارف غير معلومة . لأن ذلك يؤدي إلى أن لا يمكن الفصل بين ما يتعذر فعله علينا ، وما لا يتعذر .
فإذا ثبت ذلك ، فالصوارف المعلومة لا تخلو من وجوه نذكرها:
إما أن تكون طلبتهم الراحة ، وفرارهم من التعب الذي يلحقهم بالاتيان بالمعارضة ، أو إيثارهم الابقاء عليه صلى الله عليه وآله حشمة له ، وكراهة لمكاشفته ، واستشعارهم خوفه وخشيته ، واستهانتهم به ، واشتغالهم بالحروب ، أو ظنهم أن غير المعارضة أجدى عليهم ، وأدنى إلى مرادهم .
Shafi 123