قيل له: هذا ما لا يجوز أن يخفى عليهم,لأن علمهم بالمعارضات وطرقها كان أقوى علومهم ، ومعرفتهم بها أكثر معارفهم ، وما يجري هذا المجرى يكون العلم به ضروريا ، ثم العلم بأن من ادعا حالا من الأحوال ، واعتصم لصحته بأمر من الأمور ، فأقوى الأشياء في إيضاح كذبه ، والإبانة عن إفترائه وتقوله ، هو تبيين فساد ما اعتصم به ، وسقوط ما التجأ لتصحيح دعواه إليه ، من العلوم الضرورية التي يشترك فيها العقلاء , والمراهقون الذين قاربوا كمال العقل ، وإن لم يكونوا بلغوه .
ولهذا ترى المختلفين في قيمة سلعة إذا ذكر المغالي بها سلعة على صفة ، يجب أن يغالي بقيمتها من أجل تلك الصفة التي يجد (¬1) المخالف له في ذلك أن يطعن في تلك الصفة وينازع فيها ، ولا يشتغل بغير ذلك . وتجد الصبيين إذا ادعا أحدهما أنه أحسن (¬2) صراعا من الآخر لوجه يورده ، ترى المباري له ينازعه في تلك الصفة يحاول إيراد ما يمنعه من الاحتجاج بها ، ثم تجد أحوال أصحاب المهن من الصناعات ، والمشتغلين بالزراعات ، يستوون فيما ذكرناه ، ويتبارون فيما حكيناه ، فإذا ثبت ذلك بان أن ما ادعوا (¬3) خفاءه على العرب من أحوال المعارضات ، باطل لا يدعيه عاقل .
Shafi 121