الكلام في بيان أن الإعراض عن المعارضة إنما كان للتعذر
فإن قيل: ولم ادعيتم أن العرب كفت عن معارضة القرءان لتعذرها عليهم ، وما أنكرتم أن يكونوا كفوا عنها وتركوها لبعض أغراض كانت لهم ، فإن الناس قد تصرفهم الصوارف عن كثير مما يتمكنون من فعله ؟
قيل له: قلنا ذلك لأنهم كفوا عن المعارضة وتركوها وعدلوا عن الاشتغال بها ، مع ما كان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التحدي لهم على ما بيناه ، مع توفر دواعيهم لتوهين أمره ، وإظهار ما كانوا يدعون من افترائه (¬1) صلى الله عليه وآله وسلم وحاشاه من ذلك .
وقد علمنا: أن العقلاء إذا دعوا إلى أمر يكرهونه ، يهون عليهم لدفعه وإبطاله بذل أموالهم وأنفسهم ، وكان من يدعوهم إلى ذلك يدعوهم لحجة يبرزها ويدعيها ، وكانوا متمكنين من إيراد ما يدحضها ويبطلها ، ويكشف عن ضعفها ووهنها ، من غير ضرر يمسهم ، أو مشقة عظيمة تلحقهم ، فلا بد من أن يأتوا به ، ومتى لم يأتوا به ، دل على أنهم غير متمكنين من الاتيان به .
Shafi 116