ومن كلام هذا الجاهل وأوهم أنه عارض: (( قل أعوذ برب الناس ، المعاذ بصاحب البلد ، مالك البلد ، وباني البلد ، وساكن البلد ، من شر العاربة ، وأهل الطاغية ، الذي أضل صاحبه ، ومنع جانبه ، وحمى جاره من سكان المدر ، وخلاف العذر والعرر )) .
تأملوا - رحمكم الله - حال هذا الجاهل في ادعائه أنه أورد معارضة ، ومن جاء إلى كلام فصيح شريف الوضع أو كلام متوسط أو مسترذل . فأبدل (¬1) كل كلمة منه بكلمة نافرة أو غير نافرة ، هل يكون معارضا ؟ وهل يستحق ذلك أن يسمى: معارضة ؟!
فأما قوله: (( أضل صاحبه ، ومنع جانبه )) . . . إلى آخر الفصل ، فكلام لا يلاحن بعضه بعضا ، لأن قوله: (( أضل صاحبه )) ذم ، وقوله: (( حمى جاره )) مدح . وقوله: (( سكان المدر ، وخلاف العذر والعرر )) لا ملاءمة بين بعضه والبعض ، وإنما طلب به السجع من أقبح الوجوه . على أن سكان المدر لا مزية لهم في الشر على غيرهم ، فلا وجه لتخصيص الاستعاذة من شرهم لولا عمى قلبه .
وقلنا: إن هذا الفصل لا يصح بتة على وجه من الوجوه أن يسمى: معارضة ، لأنه جار مجرى أن يقول الانسان: ونظنهم منتبهين وهم نيام .
ويدعي أنه عارض قوله: { وتحسبهم أيقاظا وهم رقود } [الكهف: 18] ، فلا يستحق أن يسمى: معارضة بتة ، لأنه أبدل كل لفظة منه بلفظة ، وأتى بألفاظ وضيعة بدل ألفاظ شريفة .
Shafi 105