واعلم أن الشاعر يدخل لفظة من القرءان في بيت من الشعر ، أو يدخلها الكاتب في فصل من كتابه ، والمحاور في فصل من محاورته ، فيكتسب ذلك البيت وذلك الفصل من العذوبة والرونق ما يصيره غرة (¬1) في سائره ، وهذا من عجيب ما اختص به القرءان ، وفيه دلالة واضحة أنه مباين لكلام البشر والحمد لله .
وقد رأيت بعض من كان يتعاطى الفصاحة ، ويدعي البلاغة من أهل عصرنا هذا ، يعجب بفصل يحكيه عن طليحة الأسدي ، وهو (( ما يفعل الله بتعفير خدودكم ، وفتح أدباركم ، اذكروا الله أعفة قياما )) .
وكان يقول: (( ما هذا بكلام رذل )) . وكان يوشح به ما كتب ، أقدره أنه منطوي عليه (¬2) .
وهذا الفصل إنما صار له يسير من الرونق ، لأنه أدخل فيه شيئا من ألفاظ القرءان ، لأن الله تعالى يقول: { ما يفعل الله بعذابكم } [البقرة: 147] ، فأخذه ، وأخذ (¬3) (( اذكروا الله أعفة )) من قوله تعالى: { يذكرون الله قياما وقعودا } [آل عمران: 191] ، ومن قوله تعالى: { اذكروا الله ذكرا كثيرا (41) } [الأحزاب] .
Shafi 101