وينبغى أن نوضح ما نحن ذاكروه فى مقولة واحدة، فنقول: إن الجوهر هو هو أيضا جنس وتحته الجسم، وتحت الجسم الجسم المتنفس، وتحت الجسم المتنفس الحى، وتحت الحى الحى الناطق، وتحت هذا الإنسان، وتحت الإنسان سقراط، وفلاطن، والجزئيون من الناس. ولكن الجوهر من هذه الأشياء هو جنس الأجناس، والإنسان هو نوع الأنواع. فأما الجسم فنوع للجوهر، وجنس للجسم المتنفس؛ والجسم المتنفس نوع للجسم، وجنس للحى؛ والحى أيضا نوع للجسم المتنفس، وجنس للحى الناطق؛ والحى الناطق نوع للحى، وجنس للإنسان. والإنسان نوع للحى الناطق، وليس هو جنسا للجزئيين من الناس، لكنه نوع فقط؛ وكل ما كان قريبا من الأشخاص فهو نوع فقط وليس بجنس. وكما أن الجوهر هو جنس الأجناس، لأنه فى أعلى منزلة، إذ ليس قبله شىء، كذلك الإنسان: فإنه نوع فقط، والنوع الأخير، ونوع الأنواع، كما قلنا، إذ هو نوع ليس دونه نوع، ولا شىء من الأشياء التى يتهيأ فيها أن تنقسم إلى أنواع، بل إنما دونه الأشخاص، فإن سقراط، وألقبيادس، وفلاطن أشخاص. فأما المتوسطة فإنها لما قبلها أنواع، ولما بعدها أجناس. فلذلك صار لها نسبتان: النسبة إلى ما قبلها التى بحسبها يقال إنها أنواع لها، والنسبة إلى ما بعدها التى بحسبها يقال إنها أجناس لها.
فأما الطرفان فإنما لهما نسبة واحدة؛ وذلك أن جنس الأجناس له نسبة إلى ما دونه، إذ هو أعلى الأجناس كلها، وليس له نسبة إلى شىء قبله، إذ كان فى أعلى منزلة، والمبدأ الأول.
ونوع الأنواع أيضا إنما له نسبة واحدة، وهى النسبة التى له إلى ما فوقه، وهى الأشياء التى هى نوع لها. وأما النسبة التى له إلى ما دونه، فليست غير تلك، إذ كان يقال له أيضا إنه نوع للأشخاص، إلا أنه نوع للأشخاص من قبل أنه يحويها، ونوع لما قبله من قبل أن الأشياء التى قبله تحويه.
فقد يحدون جنس الأجناس بأنه جنس وليس بنوع، ويحدونه أيضا بأنه الذى ليس فوقه جنس يعلوه.
ويحدون نوع الأنواع بأنه نوع وليس بجنس، والذى ليس هو نوع، لا يجوز لنا قسمته إلى الأنواع، هو المحمول على كثيرين مختلفين بالعدد من طريق ما هو.
Shafi 73