وبالجملة فإن كل فصل قد يحدث للشىء الذى يوجد فيه اختلافا. غير أن الفصل الخاص والعام يحدثان غيرا، وخاص الخاص يحدث آخر، وذلك أن من الفصول ما يحدث غيرا، ومنها ما يحدث آخر. فالتى تحدث آخر سميت فصولا محدثة الأنواع، والتى تحدث غيرا تسمى فصولا على الإطلاق؛ لأن الحى إذا أضيف إليه فصل الناطق أحدث آخر، ونوعا للحى. فأما فصل التحرك فإنه إذا أضيف إلى الحى يجعله غير الساكن فقط. فمن الفصول إذن ما يحدث آخر، ومنها ما يحدث غيرا فقط.
فالفصول التى تحدث آخر، بها تكون قسمة الأجناس إلى الأنواع، وبها تستوفى الحدود، إذ كانت من جنس ومن أمثال هذه الفصول. فأما الفصول التى تحدث غيرا، فإنها تحدث عنها غيرية فقط، وتغايير الأحوال.
فينبغى أن نبتدىء من فوق أيضا فأقول: إن الفصول منها ما هى مفارقة، ومنها غير مفارقة؛ فالتحرك والسكون، وأن يصح الإنسان ويمرض، وما أشبه ذلك، فصول مفارقة. فأما أن يوجد أقنى أو أفطس، أو ناطق أو غير ناطق ففصول غير مفارقة؛ ومن غير المفارقة ما توجد بذاتها، ومنها على طريق العرض. وذلك أن الناطق موجود للإنسان بذاته، وكذلك المائت وقبول العلم. فأما أن يكون أقنى أوأفطس، فعلى طريق العرض لا بذاته. فالتى توجد لشىء بذاتها، فقد توجد فى قول الجوهر، وتحدث آخر. فأما التى هى على طريق العرض، فليست توجد فى حد قول الجوهر، ولا تحدث آخر، بل إنما تحدث غيرا فقط. والتى توجد بذاتها لا تقبل الأكثر والأقل. فأما التى هى على طريق العرض، فإنها تقبل الزيادة والنقصان، وإن كانت غير مفارقة، وذلك أن الجنس لا يحمل على ما هو له جنس بالأكثر والأقل، ولا فصول الجنس أيضا التى بها يقسم، لأن هذه الفصول هى المتممة لحد كل واحد. والوجود لكل واحد واحد بعينه غير قابل للزيادة والنقصان. فأما أن يكون أقنى، أو أفطس، أو ملونا بضرب من الألوان، فقد يزيد وينقص.
Shafi 78