فإذ كنا نجد أنواع الفصل ثلاثة، وكان منها ما هو مفارق، ومنها غير مفارق، ومن غير المفارق أيضا منها ما هى بذاتها ومنها ما هى على طريق العرض، فالفصول أيضا التى هى بذاتها منها ما بها تقسم الأجناس إلى الأنواع، ومنها ما بها تصير المنقسمة أنواعا. مثال ذلك أنه لما كانت الفصول الموجودة للحى بذاتها هى هذه: المتنفس والحساس، والناطق وغير الناطق، والمائت وغير المائت، صار فصلا المتنفس والحساس مقومين لجوهر الحى؛ لأن الحى هو جوهر حساس متنفس. فأما فصول المائت وغير المائت، والناطق وغير الناطق، فمقسمة للحى لأنها تقسم الأجناس إلى الأنواع. غير أن هذه الفصول المقسمة للأجناس قد تكون متممة ومقومة للأنواع، لأن الحى ينقسم بفصل الناطق وفصل غير الناطق، وبفصل الميت أيضا وغير الميت. ولكن فصلى المائت والناطق مقومان للإنسان، وفصلى الناطق وغير المائت مقومان للملك، وفصلى غير الناطق والمائت مقومان للحيوانات غير الناطقة. وكذلك أيضا الجوهر الأعلى، لما كانت له فصول تقسمه، وهى المتنفس وغير المتنفس، والحساس وغير الحساس، صار فصلا المتنفس وغير المتنفس، إذا حصلا مع الجوهر، أحدثا الحى.
فإن هذه الفصول بأعيانها إذا ما أخذت بنحو من الأنحاء تكون مقومة، وإذا أخذت بنحو آخر تصير مقسمة، سميت بأجمعها محدثة الأنواع. والحاجة فى قسمة الأجناس، والحاجة فى الحدود، إنما هى إلى هذه الفصول خاصة، لا إلى الفصول غير المفارقة التى على طريق العرض، والحدود فأحرى ألا تحتاج إلى المفارقة.
Shafi 79