باب ذكر علّة امتناع الأفعال من الخفض
قال سيبويه: "ليس في الأفعال المضارعة جر، كما أنه ليس في الأسماء جزم، لأن المجرور داخل في المضاف إليه معاقب للتنوين، وليس ذلك في هذه الأفعال" هذا الذي يعتمد عليه الاس في امتناع الأفعال من الخفض. وكل علة تذكر بد هذا في امتناع الأفعال من الخفض، فإنما هي شرح هذه العلة وإيضاحها أو مولّدة منها، وليس فيها زيادة معنى بوجه ولا سبب، لا في مذهب البصريين ولا الكوفيين، وإنما اشرح لك قول سيبويه أولًا، ثم أعود لذكر باقي العلل إن شاء الله.
أما قوله: ليس في الأفعال المضارعة جر، فالمضارعة عنده هي الأفعال المستقبَلة التي في أوائلها الزوائد الأربع؛ الهمزة والياء والنون والتاء، كقولك: أقوم ويقوم ونقوم وتقوم والمضارعة المشابهة، وإنما سمَّاها مضارعة، لأنها ضارعت الأسماء التي أشبهتها، ولذلك أعربها. وإنما قال: وليس في الأفعال المضارعة جر فقصدها دون سائر الأفعال؛ لأن كل فعل سوى المضارع عنده مبني غير معرّب، وإنما كان في ذكر الجر، والجر إعراب، ولما كان إعرابًا وكانت الأفعال سوى المضارعة مبنية غير مستحقة للإعراب، للعلل التيل قد ذكرتها لك فيما مضى من هذا الكتاب، سقط السؤال عنها، السؤال لِمَ لم تخفض؟ وبقي السؤال عن الفعل المضارع الذي هو معرب. فكأنه أجاب من سأله فقال له: إذا كان الفعل
1 / 107