كقولك في الخفض والرفع: هؤلاء جوارٍ وغواشٍ، ومررت بجوارٍ وغواشٍ؛ وفي النصب: رأيت جواريَ وغواشيَ وقواضيَ، لا تصرفه. وكذلك لو سميت امرأة ورجلًا بقاضٍ وغازٍ وما أسبه ذلك، لنونته في حال الرفع والخفض، ومنعته من التنوين في حال النصب إذا كان اسمًا لامرأة، ونوته إذا كان لمذكر. وهذا يدل على أن التنوين عوَّض من نقصان البناء، وأن هذا التنوين مخالف للتنوين الذي يلزم الأسماء السالمة.
القول الثاني من قول سيبويه في امتناع الأسماء من الجزم.
قال في آخر الرسالة: واعلم أن الأفعال أثقل من الأسماء، لأن الأسماء هي الأولى وهي أشد تمكنًا، فمن ثم لم يلحقها تنوين ولحقها الجزم والسكون، هذا لفظ سيبويه. وقد صرح بهذا القول إن الأسماء أخف من الأفعال، وإن الأفعال أثقل من الأسماء، وإنه إنما جزمت الأفعال لثقلها، فخففت بالجزم لأنه حذف. وإن الأسماء كانت أحمل للخفض لخفتها ليعتدل الكلام فتخفيف الثقيل وإلزام بعض الثقيل للخفيف، وهذا هو قول الفراء.
وأكثر الكوفيين قالوا: لم تخفض الأفعال لثقلها، ولم تجزم الأسماء لخفتها ليعتدل الكلام. وقد مضى القول في الدلالة على ثقل الفعل وخفة الاسم.
وقال جماعة من الكوفيين والبصريين: لم تجزم الأسماء لاستحالة دخول الأدوات الجازمة عليها، لأن الأدوات الجازمة إنما هي للنفي أو للنهي أو الجزاء أو الأمر، وما أشبه ذلك، ودخولها على الأسماء غير سائغ، فامتنعت من الجزم لذلك.
1 / 106