المضارع عندك معربًا، فلِم امتنع من الخفض؟ فقال: لأن المجرور داخل في المضاف إليه، معاقب للتنوين، وليس ذلك في هذه الأفعال. واختصر الجواب كما ترى.
وشرحه أن المجرور مضاف إليه، واقع موقع التنوين، لأنه زيادة في الاسم يقع آخرًا، والأفعال لا يضاف إليها فامتنعت من الخفض لذلك. وتقريب هذا أن يقال: لِمَ تخفض الأفعال، لأن الخفض لا يكون إلا بالإضافة والإضافة إلى الأفعال مستحيلة فامتنعت من الخفض لذلك.
سؤال على أصحاب سيبويه. يقال لهم: فإذا كان اعتماد صاحبكم، كمخا زعمتم عنه في امتناع الأفعال من الخفض، هو لأن الإضافة إليها غير سائغة، وأن الخفض لا يكون إلا بالإضافة، فما دليلكم على أن الإضافة إلى الأفعال غير سائغة؟
الجواب: الدليل على أن الإضافة إلى الأفعال غير سائغة هو أن الإضافة في الكلام على ثلاثة أوجه؛ إضافة الشيء إلى مالكه، كقولك: هذه دار زيد وهذا ثوب عبد الله، وإضافة الشيء إلى مستحقه أو الموصل إليه، كقولك: الحمد لله، أي هو مستحقه، والشكر لزيد، ومررت بعبد الله، لأن الباء أوصلت مرورك إلى عبد الله، كما أوصلت اللام الشكر إلى زيد، وكذلك سائر حروف الجر إنما هي صلات للأفعال إلى مفعوليها. وإضافة الشيء إلى جنسه، كقولك: هذا ثوب خز، وخاتم حديد، وباب ساج. وما أشبه ذلك. فلما كانت الأفعال لا تملك، لأنها ليست واقعة على مسمَّيات تستحق الملك، لأنها إنما هي عبارة عن حركات الفاعلين في زمان ماض منقض أو حاضر أو منتظَر، لم تكن إضافة الشيء إليها إضافة ملك. ألا ترى أن قولك: هذا غلام ضرب، أو صاحب يقوم وما أشبه ذلك، وأنت تريد به أن الفعل مستحق (له، لا معنى له) فلم تمكن الإضافة إليها من هذا الوجه، كما أنها لا تملك شيئًا كذلك أيضًا لا تستحقه، لأنه
1 / 108