وليس الخير مخالفة للشر وكفى.
كلا، بل الخير شيء قائم بذاته، وليس قصاراه أنه امتناع من شيء سواه.
الخير هو القدرة على الحسن مع القدرة على القبيح، وهو الاختيار المطلوب بعد التمييز بين القدرتين.
ولهذا عرفنا من تاريخ الشيطان أنه سقط؛ لأنه أنف من تفضيل آدم عليه وعلى الجان والملائكة أجمعين.
وإنما فضل آدم عليه؛ لأنه عرضة للخير والشر، ولأنه مطالب بالخيرات وهو ممتحن بالشرور.
فضل على الملائكة الذين لا يصنعون الشر لأنهم بمنجاة من غوايته، وفضل على الجان الذين لا يختارون بين نقيضين.
ومن تلك الآونة عرفت وظيفة الشيطان في هذا العالم، وعرفت معها فضيلة الإنسان.
فإنما وظيفة الشيطان أن يثبت عجز الإنسان أمام الغواية والفتنة، وأن يمتحن مشيئته وهو يتردد بين الخير والشر، والمباح والحرام.
وإنما فضيلة الإنسان أن يصنع خيرا وللشر عنده غواية وله في نفسه فتنة، ولولا ذلك لما كان له فضل على الملائكة ولا على الجان.
لا جرم كان تاريخ الشيطان تاريخا للأخلاق الحية في وجدان آدم وبنيه. •••
Shafi da ba'a sani ba