a
بدلا من
u ، فأبى وتعنت وكابر، بأن اللفظة يجب أن تكون كذلك!
كان هذا التيه هو الذي جعله ينتمي في الأصل إلى الجمهوريين؛ لأنه لم يكن يطيق أن يكون في فرنسا إمبراطور، لا يقف وإياه على مستوى واحد. وكان، مع أنه جمهوري في المبدأ، يتمحل الحكايات والأباطيل لكي يثبت أنه من بيت نبيل قديم، وذلك مع أن جده كان نجارا، وكانت إحدى عماته متزوجة من خباز، وعمة أخرى متزوجة من حلاق، وأخرى كانت خياطة. ولو كان هيجو ديمقراطيا حقيقيا لافتخر بحقيقة نسبه، ولكنه - كما قلنا - لم تكن له غاية فلسفية في هذا العالم، وإنما كان يبغي الشهرة برصف الألفاظ والتدجيل على العامة.
ولد في سنة 1802، وشغف في صباه بالشعر، فنال عدة جوائز عليه، وذكرته الندوة الفرنسية في سنة 1817. ولما بلغ العشرين وقع في هوى فتاة تدعى إديل فوشيه، كانت حوراء دعجاء، على رأسها إكليل جثل من الشعر الأسود، وكان بها حياء يغري، ورشاقة تفتن من ينظر إلى حركاتها، فتعرف فيكتور هيجو إلى أبويها، وصار يكثر من زيارتهما، حتى أدركت أم الفتاة أنه عالق بابنتها. ولم يكن للشاعر دخل ثابت تعتمد عليه عائلة في المعيشة، فلما اقترح على الأبوين أن يتزوج ابنتهما رفضا، واعتلا عليه بصغر سن الفتاة، وأنها لا تملك شيئا، وأنه ليس له صناعة. وحدث أن الملك لويس الثامن عشر قرأ بعض قصائد فيكتور هيجو، فأعجب بها، ورتب له معاشا سنويا قدره 40 جنيها، وكان قد باع ديوانه الأول في تلك السنة، فربح منه 30 جنيها، ففرح بذلك، وذهب إلى أهل إديل، وأخذ يلح في زواجه الفتاة، ويحتج بأنه لا بد ناجح في الأدب، وأن معاش الملك باكورة دخله العظيم الذي يتوقعه من رواج أدبه.
وتزوج من إديل، وعاشا طويلا، ورزقا أولادا، فكان بيتهم مثال البيت السعيد، ونجح فيكتور هيجو كما توقع، وذاع اسمه وكبر دخله.
وحدث أنه كان ممن يترددون على صالون هيجو أديب معروف يدعى «سانت بوف» كان قد مدح بعض كتب هيجو، فأحبه الشاعر، وصار يقبل عليه، ويفتح له صدره، ويبسط له مائدته، فكان يقصد إلى داره كل يوم، وقد لا يجد الشاعر هناك فيجالس زوجته، ويأخذان في أطراف الأحاديث وشجونها.
هذا هو الواقع الذي كان يعرفه كل إنسان يتردد على دار فيكتور هيجو، ولكن سانت بوف كان سافلا، بل كان غاية ونهاية في السفالة؛ فقد نشر كتابا قال فيه إنه عشق مدام هيجو، ولو صح هذا العشق لكان أحرى به أن يخفيه عن الناس، ضنا بكرامة هذه المرأة أن تبتذل في الأفواه، وبخاصة إذا كان يحبها، ولكن من الأسرار ما يجذب صاحبه على البوح، ولا يفتأ يعنته حتى يفشيه.
وهنا جدير بنا أن نقف هنيهة، وننظر في تلك الطبيعة اللاتينية التي يتسم بها أهل جنوب أوروبا، ونقابلها بطبيعة الأمم الجرمانية الإنجليزية التي يتسم بها أهل شمال أوروبا، فأدباء اللاتين يتفتحون ويصارحون القراء ويكشفون عن قلوبهم، لا يعتدون في ذلك بأي اعتبار أدبي، وهذا دأبهم من قديم ومن حديث؛ فإن اعترافات «سان أوغسطين» و«جان جاك رسو» تدل على ذلك، كما تدل أيضا عليه كتابات «ألفرد دو موسيه» و«جورج صاند». وهذا الأديب الإيطالي «دانونتسيو» الذي باح بحبه للممثلة المعروفة إليانوره ذوز. وهذا بخلاف ما يحصل في الأمم الشمالية؛ حيث الطبائع أميل إلى الكتم، وأقدر على حفظ السر، وأكره ما تكون للفضائح، يظهر عليها الجمهور وتقف عليها العامة؛ فقد مات «بارتل» أسى وكمدا عندما ذاعت عنه قصة غرامه بإحدى السيدات. ومات «أوسكار وايلد» غما وجزعا عندما اشتهرت عنه قضية فسق.
ولو كان سانت بوف إنجليزيا ووضع مثل هذا الكتاب، لما لقي من الجمهور سوى البصق في وجهه، ومن المحاكم سوى الحبس السريع.
Shafi da ba'a sani ba