مع ما في البادية يابني من إمكان اتخاذ المواشي ذوات الأرحام، من الإبل والبقر والحمير والأغنام، التي لا يتكلف لشيء منها كلفة، ولا يؤتى لما جعل الله فيها من المعايش والغناء عن الناس على صفة، تكون للرجل بالبادية الناقة الواحدة فتصير نوقا كثيرة بالتناسل وإبلا، وتكون للرجل الشاة الواحدة والشاتان والخمس شياه، فتعود بالتناسل في غير طويل من الزمان مالا وأغناما كثيرة، لا يتكلف صاحبها لها علفا ولا مؤنة، وقد تكون له البقرة أو الأتان من الحمير فيرزقه الله تناسلها ونتاجها حتى تصير مالا ذا عدد كثير، والشاة الواحدة والناقة المفردة لا يقوى عليها ولا على علفها ومؤنتها في مدينة ولا قرية، لما يلزم لها وفيها من الغرامة والنفقة الثقيلة، فليس لشيء مما ذكرنا مما رفق الله ومن به على الإنسان من الإناث ذوات الأرحام ومتناسل الحيوان، تناسل بالقرى والمدن ولا رعي ولا مكان.
والماشية يابني فيها وفي تناسلها ودرها وألبانها، وما يرفق الله عليكم من أثمان جلوبتها وأسمانها معائش رائقة، وبلغ ومعونة من الله مباركة نافعة، يكف الله بها وجوهكم عن بخلاء الناس ولئامهم ، وأهل الدناءات والشح من عوامهم، فإن لم يكن لكم مع الماشية في البادية شيء من البيار والمزارع استغنى كل واحد إن شاء الله منكم وارتفق وانتفع.
Shafi 83