[ذكر إعتزال الأشراف من أسلافه عليه السلام وغيرهم للمدن
والقرى]
ولم يزل من مضى يابني من الأسلاف من قومكم في قديم الزمان، تكون لهم البوادي ويتخذونها ويسكنونها في كل بلدة وبكل مكان، ولم يزل الأشراف قط يتبوؤن البادية ويعتزلون عن القرى والمدن في الصحاري والبرية في كل ناحية.
فاعتزل في أول الدهر والناس حينئذ ناس في أكبر الشأن والأمر، بنو حسن فتبدوا، أولهم زيد بن الحسن بن علي عليهم السلام في بادية من المدينة تسمى البطحاء على أربعة أميال، فاحتفر بها بيارا، وبنى بها مساكن متباعدة بعضها من بعض ودورا، فلم يزل بها بنو حسن بن زيد حتى فرقتهم منها هذه الفتن التي وقعت بالحجاز فكانوا أصح قوم أبدانا، وأجلدهم جلدا وأظهرهم وأنظرهم ألوانا.
واتخذ يابني عمكم عبدالله بن الحسن فيما مضى من الدهر والزمن بادية لنفسه وولده من سويقة([31]) وأكنافها وأوديتها وشعابها، فاحتفر بيارا وعينا بالحزرة([32]) في قربها، فيها بنو عبدالله بن الحسن بن الحسن إلى اليوم، وبعضهم قد اتسعوا وحلوا في بوادي ينبع والغور.
Shafi 84