[عودته عليه السلام إلى ذكر الهجرة وما جاء فيها]
وسنعود إلى ما كنا فيه من اعتزال جماعة الناس في المدن والقرى والهجرة إلى الله عنهم، والتقرب إليه بالبعد منهم، وسأذكر لكم يابني بعد ما ذكرت لكم من تنزيل الله وما ذكرت فيه من قول ملائكته للمستضعفين الذين لم يهاجروا عمن يشاقه ويعصيه أن يقولوا لمن هذه صفته ممن يتوفون {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض} [النساء: 97] يعني الملائكة صلوات الله عليهم، بقولهم لمن يتوفون (فيم كنتم) ماذا فعلتم فيما أمرتم به من إنكار المنكر، والأمر بالمعروف لمن جاورتم {قالوا كنا مستضعفين في الأرض}[النساء:97] فلم تقل ملائكة الله كذبتم، ولكنهم قالوا: {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها}[النساء:97] فاحتجت ملائكة الله على المتوفين الذين ساكنوا العاصين، بما كانوا مستضعفين وعليه قادرين من الهجرة عن العصاة في أرض الله الواسعة، وأن يكونوا لهم غير مجاورين، قال الله أحكم الحاكمين: {فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا}[النساء:97] وقال تبارك وتعالى منبها دالا لعباده المؤمنين على مجانبة العاصين، وأن يكونوا في بلاده الواسعة لعبادته معتزلين متوحدين {ياعبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون} [العنكبوت:56].
Shafi 71