فترى به آلامها آمالا
وفي 1908م تولى عبد العزيز جاويش (1876-1929م) رئاسة تحرير اللواء، وكان للواء طابعه الواضح في مهاجمة الاستعمار البريطاني، وفي إيقاظ الروح الوطنية، فكانت لجاويش في مهاجمة الإنجليز مقالات حامية، وكلمات من نار، حتى قبل أن يتولى تحرير اللواء: «إن البلاد المصرية أخذت منذ بدء الاحتلال المشئوم تتدلى في مهاوي الضعف والاضمحلال، وإنه لا منقذ لها سوى أن يرفع الاحتلال يده الثقيلة المفسدة عنها.» ولكي تعلم ماذا أراد الكاتب أن يصنع بقلمه في مقاتلة العدو، فاسمع ما يخاطبه به: «أيها القلم ... لو كنت سيفا لأغمدتك في صدور من يحاربونك، أو سهما لأنفذتك في أعماق قلوبهم، ولو كنت جوادا لوجدت لك في ميادين النزال مجالا للكر والفر ...»
وكان يقابل هذه الجذوة المشتعلة من الوطنية في جريدة اللواء، فكر منطقي هادئ في جريدة «الجريدة» التي كان يحررها أحمد لطفي السيد (1872-1963م) إذ كان لطفي السيد - كما يقول عنه العقاد - «ينظر إلى المسائل الفكرية والاجتماعية نظرة محيطة شاملة، توشك أن تتعادل فيها جميع الجوانب والأطراف، ولكنه كان من أشد المفكرين اهتماما بما يعتقد فيه الخير والصلاح.»
وحسب العشرة الأعوام الأولى من هذا القرن أن تكون قد شهدت فاجعة دنشواي (يوم الأربعاء 13 يونيو سنة 1906م)، فليس كمثل الكوارث الكبرى شيء يوحد قلوب الأمة في قلب واحد نابض، ودنشواي قرية في محافظة المنوفية، قدم إليها خمسة من الضباط الإنجليز لصيد الحمام، فأصيب برصاصهم بعض الأهلين، فهاجم الناس أولئك المعتدين، فأصيب بعضهم ومات أحدهم، فثار العميد البريطاني في مصر، لورد كرومر، وعقدت محكمة خاصة لمحاكمة المصريين، فقضت بإعدام أربعة من الأهالي، وبالجلد وبالحبس على ثمانية، ونفذ الجلد والإعدام في دنشواي علنا، فكان لذلك رد فعل عنيف في طول البلاد وعرضها، وانطلق الشعراء والكتاب ينظمون وينشئون بكاء ورثاء ووطنية وإخاء.
قال إسماعيل صبري:
وأقلت عثرة قرية حكم الهوى
في أهلها وقضى قضاء أخرق
إن أن فيها بائس مما به،
أو رن، جاوبه هناك مطوق
وارحمتا لجناتهم ماذا جنوا؟
Shafi da ba'a sani ba