أجل! ضم العدد الأول من المجلة كل هذه الموضوعات التي تصور عيوبا شائعة لا يزال بعضها متفشيا، وتصف الدواء لهذه العلل الاجتماعية، ولكن بأسلوب الوعظ والإرشاد, وإن كان ممزوجا بكثير من التهكم الاذع والسخرية المرة، والكلمات القارصة، وقد فطن النديم إلى أن التعليم والنقد عن طريق القصة يحمل القارئ على متابعة القراءة, ويرى مصير أشخاص القصة فيتعظ بهم، # وبذلك يجدي النقد ويؤتي ثمرته، ولذلك أكثر منه، ولم يضع هذه القصص في عبارات منمقة مزوقة بليغة متخيرة الألفاظ، ولكن ساقها في أسلوب سهل, وكثيرا ما عمد إلى اللغة العامية يعبر بها عن مراده، ولعلمه أن في الناس الجاهل والعالم, والعامة والخاصة، ولكل أسلوب يلائمه، فموضوع: "الداء الإفرنجي" موضوع سياسي رمزي لا يفهمه إلا الخاصة، ولذلك صيغ صياغة أدبية سليمة، أما موضوع: "المرابي والمزراع"، وموضوع: "سماع القصص" فمكتوبان للعامة، ولذلك لجأ إلى اللغة العامية يعبر بها حتى يفهمها هؤلاء فيتعظوا.
إن النديم في هذه الموضوعات قدير على الحوار، وتراه يبالغ حتى يستفز شعور القارئ, ويجعله يشمئز من هؤلاء الجهلة الذين يصور حالتهم، وتراه كذلك يستنفد المعاني ويستقرئ الأسباب، حتى يكون الحكم، أو النهاية بالغة العظة، ولو فطن النديم إلى المسرحية الهزلية وصور هذه الشخصيات فيها لكان "موليير" العرب؛ لأن عنده المقدرة على التصوير، وخلق الشخصيات والتهكم عليها, والمبالغة في تبشيع المثالب والعيوب، وهذه كلها تعده لأن يكتب ملهاة متقنة.
Shafi 326