قد يكون لبعض المسلمين - بارك الله فيك - أسباب شخصية أو مالية أو صحية في احتذائهم حذو النصارى، أو هي «الموضة» في هذا الزمان - زمانك يا فيصل - أن يكتفي المسلم بواحدة شرعية، ويسلك مسلك النصارى في سد الفراغ. قبيح بنا، نحن المسلمين، أن نأتي الأمور من غير أبوابها الشرعية، وخصوصا أن في شرعنا ما ترتاح إليه الحكمة البشرية، وتتبجح فيه الأماني الطبيعية؛ لذلك أقول: خير للمسلم أن يستمتع بحقه كما هو في الآية، وينزه نفسه - بارك الله فيك - عما دق ورق من أساليب الزنى عند النصارى، هذي هي نصيحتي لكل مسلم، وخصوصا لملوك المسلمين، هي نصيحة خبير مجرب، بل نصيحة من يستمد حكمته من شمس الإسلام، من حكمة سيد البشر عليه السلام، ولا تنسوا حتى وما ملكت أيديكم ... إن بي شهوة للقهوة.»
دخلنا المقهى فإذا هو حافل بالناس في شتى القيافات، تكللها العمائم والعقل والطرابيش والسدارات وبعض القبعات، فجلسنا إلى طاولة صغيرة نحن الثلاثة، فصفق الخليفة كفا على كف صفقة خفيفة، أولا وثانيا وثالثا، فقال له فيصل: «نسيت أنك في مقهى.» وضرب الطاولة بعصاه، فجاء الخادم مسرعا، فقال هارون: «ونسيت أن تقول إننا في زمان لا يفهم أهله بغير العصا.»
كان جالسا إلى جنبنا شيخ جليل بهي الطلعة، كبير العمة، أبيض اللحية، ومعه غلام أمرد مكحول العين، يرتدي بزة من الدمقس، ورأسه مكلل بعقال ضخم عراقي، فألقى الخليفة عليه السلام، وتبادلا بعد التحية بضع كلمات عن المعرض - زين والله زين - أطال الله عمر جلالة الملك!
الخليفة :
مجدد عهد الرشيد؛ رشيد زمانه.
الشيخ :
ليت للمسلمين خليفة مثل هارون.
الخليفة :
وهل كان يهتم هارون بالزراعة اهتمام الملك فيصل؟ وهذا المعرض، لو كان لهارون أن يشاهده لفضله على أبهة الملك، ومجد الخلافة.
الشيخ :
Shafi da ba'a sani ba