" فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم.
_________
قال المصنف - رحمه الله تعالى -: "وفيه أن الإنسان قد يكون عالما١ وهو لا يعرف معنى "لا إله إلا الله" أو يعرفه ولا يعمل به".
قلت: فما أكثر هؤلاء - لا كثرهم الله تعالى -.
قوله: " فإن هم أطاعوك لذلك " أي شهدوا وانقادوا لذلك. " فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات " فيه: أن الصلاة أعظم واجب بعد الشهادتين. قال النووي ما معناه: أنه يدل على أن المطالبة بالفرائض في الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام. ولا يلزم من ذلك أن لا يكونوا مخاطبين بها، ويزاد في عذابهم بسببها في الآخرة. والصحيح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور به والمنهي عنه. وهذا قول الأكثرين. اهـ.
قوله: " فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم". ٢ فيه دليل على أن الزكاة أوجب الأركان بعد الصلوات، وأنها تؤخذ من الأغنياء وتصرف إلى الفقراء، وإنما خص النبي صلي الله عليه وسلم الفقراء؛ لأن حقهم في الزكاة آكد من
_________
١ يعني عالما بعلوم الدنيا; أو عالما حافظا لعلوم الدين ولكنها لا تمس قلبه ولا عقيدته؛ لأنه تعلمها للدنيا وليقال عالم. فهو محترف العلم، وقد يكون بارعا حاذفا في هذه الحرفة ولكنه لا ينتفع في نفسه بعلمه؛ لأن علمه في ناحية وعقيدته ودينه مع تقليد العوام والجمهور في ناحية أخرى، وهذا حال أكثر العلماء الرسميين اليوم أصلحهم الله.
٢ في قرة العيون: فيه أن الزكاة لا تنفع إلا من وحد الله وصلى الصلوات بشروطها وأركانها وواجباتها. والزكاة قرينة الصلوات في كتاب الله تعالى، ويدل على هذه الجملة قوله تعالى: ٥: ٩٨ (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) . فمن أتى بهذه الأمور أتى ببقية الأركان لقوة الداعي إلى ذلك؛ لأن ذلك يقتضي الإتيان بها لزوما. قال تعالى: ٩: ٥ (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) . قال أنس في الآية: "توبتهم: خلع الأوثان وعبادتهم ربهم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة". وعن ابن مسعود مرفوعا: "أمرت بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له ".
1 / 85