32

Fatawa al-Iraqi

فتاوى العراقي

Bincike

حمزة أحمد فرحان

Mai Buga Littafi

دار الفتح

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1430 AH

وقد اندمج فيهم أجناس مختلفة من بلاد شتى في عصور متفاوتة، كالمماليك على تنوع أصولهم، والتتار، ومنهم من أسلم واستوطن مصر، ومنهم من جيء به أسيراً، بالإضافة إلى الهجرات التي كانت تحصل إلى مصر بسبب ما تمتعت به من أمان وقوة، فمنعت شرور التتار وغيرهم من الأعداء عن أهلها، بخلاف ما حلَّ بالشام وبغداد، مما دفع كثيراً من أهل الشام وبغداد وغيرهما إلى الهجرة إلى مصر.

ثالثاً: الحالة العلمية:

على العكس من الحالتين السياسية والاجتماعية المتدهورتين في الحقبة التي عاش فيها الولي العراقي فقد ازدهرت الحركة العلمية ازدهاراً كبيراً في العصر المملوكي، وبرز فيه كثير من العلماء الأجلاء الذين كان لهم دور كبير في حفظ تراثنا الإسلامي من الضياع، وذلك بكثرة التأليف، والشرح والاختصار والتنقيح والتهذيب لكتب السابقين، بعد أن فُقِد كثير منها في بغداد وبعض بلاد الشام إثر هجمات المغول والتتار على المشرق الإسلامي، ولولا أن حفظ المماليك أرض مصر من التتار والصليبيين، لضاع أغلب كتب السابقين، ولكن الحمد لله أولاً وآخراً، فقد حفظ الله لنا ذلك بهؤلاء المماليك، وبجهود علماء هذا العصر، وبسبب انتشار الكتب والمكتبات في مصر، تمَّ وصول هذا الكمّ الهائل من كتب القدماء إلينا.

هذا وقد تجلّت مظاهر النشاط العلمي في العصر المملوكي بكثرة المدارس والجوامع والمساجد والخوانك(١) والزوايا والمكتبات، حيث اهتم المماليك بكل ذلك، وتنافسوا في بنائه، وأغلب ذلك كان في مدينتي القاهرة ثم مصر، وأقيمت في هذه المدارس والجوامع الدروس المختلفة، ووُقف عليها أوقاف كثيرة، ووليَ نظر بعضها كبار القضاة، وقام المماليك بعمارة وتجديد ما كان منها خرِباً أو مهجوراً وإحيائه.

(١) الخوانك جمع خانكاه أو خانقاه، وهي كلمة فارسية معناها بيت، وقد حدثت في الإسلام في حدود الأربعمائة، وجُعِلَت لتخلي الصوفية فيها لعبادة الله. (المقريزي، الخطط ٤/ ٢٠٠).

30