Fatawa al-Iraqi

فتاوى العراقي

Bincike

حمزة أحمد فرحان

Mai Buga Littafi

دار الفتح

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1430 AH

ديوان الفتاوى

فتاوى العراقي

للإمام الحافظ الفقيه القاضي

ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي
(٧٦٢ - ٨٢٦ هـ)

دراسة وتحقيق

حمزة أحمد محمد فَرحان

دار الفتح

للدراسات والنشر

1

رفع

عبد الرحمن النجدي

أسكنه الدين الفردوس

2

رفع

عبد الرحمن النجدي

أسكنه الدين الفردوس

فتاوى العراقي

3

فتاوى العراقي

تأليف:

الإمام ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي

تحقيق:

حمزة أحمد فرحان

الطبعة الأولى: ١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩م

جميع الحقوق محفوظة باتفاق وعقد ©

قياس القطع: ١٧×٢٤

الرقم المعياري الدولي: ٩-١٢٧-٢٣-٩٩٥٧-٩٧٨ :ISBN

رقم الإيداع لدى دائرة المكتبة الوطنية: ٢٠٠٩/١/٢٢٠

دار الفتح للدراسات والنشر

تلفاكس: (٠٠٩٦٢٦) ٤٦٤٦١٩٩

جوال: (٠٠٩٦٢) ٧٩٩٠٣٨ ٠٥٨

ص.ب ١٨٣٤٧٩ عمّان ١١١١٨ الأردن

البريد الإلكتروني: info@alfathonline.com

الموقع على شبكة الإنترنت: www.alfathonline.com

جميع الحقوق محفوظة. لا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أيّ جزء منه أو تخزينه في نطاق استعادة المعلومات أو نقله بأيّ شكل من الأشكال دون إذن خطي سابق من الناشر.

All rights reserved. No part of this book may be reproduced, stored in a retrieval system or transmitted in any form or by any means without prior permission in writing the publisher.

رفع

عبد الرحمن النجدي

أسكنه الدين الفردوس

4

ديوان الفتاوى

فتاوى العراقي

للإمام الحافظ الفقيه القاضي

ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي
(٧٦٢ - ٨٢٦ هـ)

دراسة وتحقيق

حمزة أحمد محمد فَرحان

دار الفتح

للدراسات والنشر

5

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رفع

عبد الرحمن النجدي

أسكنه الدين الفردوس

6

إهداء

أهدي هذا البحث لقرة عيني وزهرتي في الحياة الدنيا والديَّ حفظهما الله، اللذين تعهداني بالتنشئة الصالحة وربياني صغيراً، والذي يعجز قلمي عن تسطير شكرهما، ثم من بعدهما لأخوتي، وخاصة المغتربين منهم، الذين أعانوني في دراستي وتفضلوا علي كثيراً. فأسأل الله العلي القدير أن يجازي الجميع خير الجزاء.

7

رفع

عبد الرحمن النجديّ

أسكنه الله الفردوس

8

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة

الحمد لله الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء، وخص ببشارة الخير السادة الفقهاء، وتكفل بأن يحمل هذا العلم العدول الأصفياء، والصلاة والسلام على خير المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغرّ الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد، فإن الله سبحانه وتعالى قد حفظ لأمتنا كرامةً لنبيها كتابها المبين، مِن تلاعب أيدي المحرفين المبطلين، وجعله الكتاب الخاتم لخاتم النبيين، فأودع فيه عوامل السعةَ والمرونة ليتسع بنصوصه المتناهية الألفاظ أفعال المكلفين ووقائعهم إلى يوم الدين، وقيّضَ لهذه الأمة أعلاماً علماء، نهجوا نهج نبيهم وسلف أمتهم في الحكم والقضاء والإفتاء، موقعين بأقلامهم عن رب الأرض والسماء، وفق نصوص الشريعة الغراء.

وقد مَنّ الله على هذه الأمة بالمجتهدين الأعلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وكتب البقاء والقبول لمذاهب الأئمة الأربعة المتبوعين، فسارت على مناهجهم العلماء، حفظا وتحقيقا واجتهادا وتخريجا إلى أيامنا هذه، عملا بقوله تعالى: ﴿فَسْئَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣]، ومن أولئك الأئمة الإمام المطّلبي محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه، فسار على منهجه جمع من علماء المسلمين، مِن محدثي الفقهاء وفقهاء المحدثين، وكان منهم الإمام ولي الدين أبو زُرعة أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي رحمه الله تعالى، مرجع أهل زمانه في الفقه والحديث، وكان من مصنفاته ((فتاواه)

7

التي جمعها بقلمه في أخر حياته منقحَةً مهذبة. ولما كانت كتب الفتاوى هي ((الفقه الحي)) الذي يبرز ملكه الفقيه المفتي، وعصره وزمانه، وفقهه لذلك العصر مع حيثيات المسألة المفتى فيها، كانت هي مِن أهم ما يُنمي عند طلاب العلم الملكة الفقهية، وتحقيق المناط، وفقه التنزيل الذي يُشكّل غفلتهم عنه أهم أسباب الجمود الفقهي والعجز عن تحرير الفتوى أو الخطأ فيه، كما أن المطالعة فيها تكشف عن القيود التي يُغفِلها كثير من الفقهاء في كتبهم، اعتماداً على حذق الطلاب وشرح الشيوخ، فإن غاب أحد هَذَين أوكلاهما رجعت عباراتهم مستغلِقةً مبهَمة، كما أن كتب الفتاوى تتضمن في طياتها مسائل خلَت عنها كثير من بطون المطولات، فضلاً عن غيرها من المختصرات، أو كانت في خبايا الزوايا منها، مما يشق على غير المتبحرين الوقوف عليها والإفادة منها.

لهذه المكانة التي تحتلها كتب الفتاوى توجه اهتمامي لها في تحديد رسالة التخصص الماجستير في هذا الفن من الفقه، ولما كانت ((فتاوى ولي الدين العراقي)) مما لا يزال مخطوطاً رهن خزانات المخطوطات العامة إلى زماننا هذا، محبوسةً عن طلاب العلم رغم جلالة كاتبها، وكثرة فوائدها وعمقها، وبسطها في التفصيل، وأخذها في التفريع عنه، رغبتُ التشرف بتحقيقها وإخراجها والتعليق عليها كرسالة جامعية، وذلك لنيل درجة التخصص الماجستير، في كلية الشريعة بجامعة بيروت الإسلامية، وفاءً للإسلام وعلومه، ونصحاً التراث المذهب الشافعي بإخراج أحد مخطوطاته إلى عالم المطبوعات، ووفاءً لهذا الإمام الألمعي، الذي لم يُطبع له كتاب في الفقه، عساني أُحَصِّل الفوائد التي سُقتها للمشتغلين بكتب الفتاوى، والذين تمرَسوا على فروع الشافعية، بما يعود علي من الله بالرضى والثواب.

وأما عن أهمية تحقيق المخطوطات والفوائد المرجوة منها فهي كثيرة جدا، خاصة في عصرنا هذا، فقد ترك لنا علماؤنا ميراثاً عظيماً، متمثلاً بكتبٍ كثيرة، عظيمة القدر، غزيرة العلم، فهي تمثل خلاصة ما وصلوا إليه بعد طول زمان من العلم، فقد أحرقوا

8

أنفسهم لكي يضيؤوا لنا بعلمهم، فالوفاء لهم ولنا وللأجيال القادمة لا يكون إلّا بنشر هذه المؤلفات بعد تحقيقها، فإن هناك كماً هائلاً من المخطوطات في مكتبات العالم تتلف يومياً، إضافةً للحروب التي تعرض الآلاف منها للنهب والضياع، ولعل ما حدث في العراق بالأمس القريب أقوى شاهد لما أقول، كما أن هناك مؤامرة تحاك لتراثنا العظيم، وذلك بحبس تلك المخطوطات في المكتبات، وفرض القيود والقوانين والعقبات للحصول عليها، فلا يصل إليها إلّا فئة قليلة من الناس، فإنه من بالغ الصعوبة لأحد أن يحصل على ما يريده منها، وبذلك بقيت بعيدة عن متناول طلاب العلم حتى تتلف أو تضيع، بدلاً من أن ننكب على تحقيقها والاستفادة منها، وبالرغم من أنه قد فُقد كثير من كتب أئمتنا إلّا أنه من الممكن أن نجد بعض ذلك مبثوثاً في كتب غيرهم مما هو مخطوط، فكثير من العلماء ينقلوا في مؤلفاتهم آراءً ونصوصاً لعلماء آخرين من مؤلفات أخرى هي مفقودة في زماننا، فنكون بتحقيق هذا المؤلف قد حصلنا على فوائد أخرى وآراءً كثيرة، قد تكون لنا سنداً في بعض الفتاوى التي تناسب عصرنا هذا، ولكن حيل بذلك بيننا وبين ميراثنا، فلم يُقسم إلّا لفئة معينة من الناس، وعندما حانت لي الفرصة أن أحقق هذا الكتاب لم أجد بداً عن ذلك، عله يكون فاتحة خير لي في دنياي وآخرتي.

وقد جعلت رسالتي هذه على دراسةٍ وتحقيق، أما الدراسة فقد رتبتها ضمن فصلين، خصصت الفصل الأول منها لترجمة المؤلف، فذكرت:

  1. نبذة عن عصره من النواحي السياسية والاجتماعية والعلمية.

  2. اسمه ونسبه وعائلته.

  3. ولادته ونشأته وطلبه للعلم.

  4. شيوخه.

  5. مناصبه.

9

٦ - مرضه ووفاته وثناء العلماء عليه.

٧ - تلاميذه.

٨- مصنفاته.

وأما الفصل الثاني فخصصته لبيان أهمية كتاب ((الفتاوى)) للولي العراقي، وجعلته في أربع مباحث:

  1. أهمية ((فتاوى ولي الدين العراقي))، وذلك يتضمن: اعتماد الفقهاء عليها، واعتمادهم لها.

  2. منهجه في تأليفه.

  3. بيان مخطوطاته ونسبتها للمؤلف.

  4. خطة العمل في التحقيق ونماذج من المخطوطات.

وأما التحقيق فقد خرَّجت فيه نص الكتاب معتمداً على مخطوطتين، اعتمدت اضبطهما أصلا، ثم قابلت النسخة الأخرى وأشرت الفوارقها في الهامش، وعلقت بعض التعليقات في تلك الهوامش، وقد ذكرت منهجي في التحقيق في فصل خاص من الدراسة التي جعلتها بين يدي الكتاب، ثم ذيلت الكتاب ببعض الفهارس العلمية التي تسهل على القارئ الرجوع إلى مسائله بسهولة ويُسر، فوضعت:

  1. فهرس الآيات القرآنية.

  2. فهرس الأحاديث النبوية الشريفة والآثار.

  3. فهرس الأعلام.

  4. فهرس الكتب.

  5. ثبت المصادر والمراجع.

  6. فهرس الموضوعات.

10

شكر وتقدير

وفي الختام لا يسعني إلا أن أشكر الله العلي القدير الذي وفقني للقيام بهذا العمل، وكما قال رسول الله ﷺ: ((من لا يشكر الناس لا يشكر الله))، فإنني أتوجه بالشكر إلى سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد راغب قباني رئيس جامعة بيروت الإسلامية، التي تلقيت العلم على مقاعدها وعلى أيدي أساتذتها الكرام، كما أشكر عميد كلية الشريعة الدكتور أحمد فارس، وجميع الأساتذة الكرام، وأخص منهم بالشكر مشرفي الدكتور يوسف المرعشلي، الذي أشرف على هذا البحث وراجعه، كما أشكر شيخي الذي تلقيت على يديه الفقه الشافعي الشيخ أمجد رشيد، وأشكر أيضاً شيخي إياد الغوج، الذي تفضل مشكوراً بتزويدي بالنسخ الخطية للكتاب، وعرّفني بعددٍ من مصادر البحث.

والحمد لله أولاً وأخراً، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

11

رفع

عبد الرحمن النجدي

أسكنه الدين الفردوس

12

أولاً: الدراسة

وفيها فصلان:

الفصل الأول: ترجمة المؤلف ولي الدين العراقي (٧٦٢-٨٢٦هـ).

الفصل الثاني: أهمية كتاب ((فتاوى ولي الدين العراقي))، ومنهج التحقيق.

13

رفع

عبد الرحمن النجدي

أسكنه الدين الفردوس

14

الفصل الأول

ترجمة المؤلف ولي الدين العراقي (٧٦٢-٨٢٦هـ)

وفيه ثمان مباحث:

المبحث الأول: دراسة عصر المؤلف.

المبحث الثاني: اسمه ونسبه وعائلته.

المبحث الثالث: ولادته ونشأته وطلبه للعلم.

المبحث الرابع: شيوخه.

المبحث الخامس: مناصبه.

المبحث السادس: مرضه ووفاته وثناء العلماء عليه.

المبحث السابع: تلاميذه.

المبحث الثامن: مُصنّفاته.

15

-

16

المبحث الأول

دراسة عصر المؤلف

من الناحية السياسية والاجتماعية والعلمية

شهد الولي العراقي الثلث الأخير من القرن الثامن، والربع الأول من القرن التاسع الهجريين، ونظراً لأهمية البيئة وما لها من أثر في تكوين شخصية المؤلف والتأثير فيه وتسيير أحداث عصره، كان حريّاً بنا قبل الحديث عن حياته أن نلقي نظرة على ظروف عصره من الناحية السياسية والاجتماعية والعلمية، لما لهذه النواحي من أثر على العلم والعلماء.

أولاً: الحالة السياسية:

ولد الحافظ ولي الدين العراقي رحمه الله في دولة المماليك البحرية، ثم عاصر دولة المماليك البرجية أو الجركسية، وفيما يلي سنتكلم عن نشأة هاتين الدولتين وما تميز بهما من الأحداث.

دولة المماليك البحرية (٦٤٨هـ - ٧٨٤هـ):

وهم الذين أخلاهم الله من بلادهم الشاسعة، وساقهم إلى مملكة الديار المصرية بحكمته، فاتفق من تقدير الله تعالى ظهور التتار واستيلاؤهم على البلاد المشرقية والشمالية، وتعدّيهم على القفجاق(١)، فقتلوهم وسبوا ‏ذراريهم وباعوهم ،فجلبهم التجار إلى الأفاق

‏(١) قال الدكتور عاشور، سعيد (أما عن السبب في تسمية هذه الفرقة في البحرية في المرجح أن ذلك يرجع إلى اختيار الصالح نجم الدين أيوب جزيرة الروضة في بحر النيل مركزا لهم .وكأنه معظم هؤلاء =

17

فباعوهم، فلمّا تملّك الصالح نجم الدين أيوب - آخر ملوك الدولة الأيوبية بمصر - اشترى منهم نحواً من ألف مملوك، وجعلهم أمراء دولته وخاصته، وبطانته إذا سافر، وأسكنهم معه في قلعة الروضة، وسمّاهم البحرية، فلما مات الملك الصالح أحسّ الفرنج بشيء من ذلك، فبرزت البحرية، وحملوا على الفرنج حملةً منكرة حتى أزاحوهم وولّوا، فظهرت البحرية يومئذ واشتهرت، ثم لمّا قدِم السلطان توران شاه ابن الملك الصالح وأعلن بموته، ولم يكن أحد يتفوّه بموته بل كانت شجرة الدر تدبَّر أمور الدولة وتوهم الكافة أن السلطان مريض ولا سبيل للوصول إليه، أخذ توران شاه في تهديد شجرة الدر ومطالبتها بمال أبيه، وأساء مع المماليك التصرّف، فشقّ عليهم ذلك حتى قتلوه، وأجمعوا أن يقيموا بعده في السلطنة سريّة أستاذهم الملكة عصمة الدين أم خليل شجرة الدر الصالحية، وذلك سنة ثمان وأربعين وستمائة، فأقاموها في السلطنة وحلفوا لها، ورتبوا الأمير عز الدين أيبك التركماني - أحد البحرية - مقدّم العسكر الذي تزوجها بعد ذلك ونزلت له عن السلطة، لأن أهل الشام لم يوافقوا على سلطنتها(١).

وأما الملوك الذين عاصرهم الحافظ الولي العراقي من سلاطين البحرية فهم:

  • المنصور صلاح الدين محمد ابن المظفّر ابن قلاوون الصالحي: تولى السلطنة سنة ٧٦٢ هـ وكان عمره أربع عشرة سنة(٢).

= المماليك من الأتراك، مجلوبين من بلاد القفجاق - شمالي البحر الأسود - ومن بلاد القوقاز قرب بحر قزوين. وقد أجمع المؤرخون على أن الأتراك القفجاق امتازوا عن غيرهم من طوائف الترك بحسن الطلعة، وجمال الشكل، وقوة البأس، فضلاً عن الشجاعة النادرة. مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك ص٤٠٢.

  1. ابن دقماق، الجوهر الثمين في سير الخلفاء والملوك والسلاطين ص ٢٥٥-٢٥٦، والمقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بـ((الخطط المقريزية)) ٤١٥/٣-٤١٣.

  2. ابن دقماق، الجوهر الثمين ص ٤٠٥ وما بعدها، والمقريزي، الخطط ٤١٩/٣.

18