Babi a Kan Tarihin Juyin Juya Hali na Urabiyya
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Nau'ikan
لم يكن الإنجليز بمعزل عن مأساة الإسكندرية، بل لقد كان لهم في تحريض الأجانب، ما كان لعمر لطفي ومن ورائه توفيق في تحريض الوطنيين؛ وحسبنا أن نكرر الإشارة إلى برقية كوكسن الخبيثة بأن التحاما سوف يقع بين الأوروبيين والمسلمين؛ ومن هذا القبيل برقية أرسلها مالت إلى وزارة الخارجية البريطانية في مايو يقول فيها: «إنه لا بد من حدوث اضطرابات قبل تسوية المسألة المصرية، وأن الأصوب استعجال هذه الاضطرابات لا تأجيلها».
وكان كوكسن دائب السعي في تسليح الأوروبيين وبخاصة الإنجليز، يتبين ذلك من برقية أرسلها مالت إلى حكومته جاء فيها: «إن قنصل السويد العام وصل اليوم من الإسكندرية وعرض علي مشروعا للدفاع عن الأوروبيين ورغب في موافقة ممثلي الدول عليه، وقد أجمع الممثلون على أن تسليح ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف تمهيدا لهذا الدفاع عمل بالغ الخطورة؛ وأنه بجانب ذلك عمل في ذاته يفضي إلى التصادم في أي وقت، وعلى ذلك فقد اتصلوا بقناصلهم كيلا يشاركوا في شيء من هذا، وبناء على ذلك أبرقت إلى مستر كوكسن ألا يشارك بعد الآن في شيء منه».
وقال المسيو جون نينيه وهو سويسري أقام بمصر زمنا طويلا: «وفي الطريق قابلت مستر كوكسن في عربة، وأخبرني أحد الواقفين بجانبي أنه كان في بيت أحد المالطيين أثناء إطلاق النار، وأنه اعتدي عليه عند خروجه من ذلك البيت؛ لأن الدهماء عدوه مسئولا عن إطلاق النار».
وكان لكوكسن تنقلات في المدينة أثناء الفتنة، يتضح ذلك مما كتبه إلى مالت بعد ذلك بخمسة أيام إذ يقول: «وقد أعنت على النهوض والتوجه صوب مخفر الشرطة، حيث لم يتحرك أحد منهم لحمايتي على الرغم من أن الدماء كانت تسيل من جسمي، ومن خلفي بعض النابحين من العرب يضربونني بالعصي».
جهاد مصر ضد المعتدين
كانت الدولتان قد اتفقتا قبل مأساة الإسكندرية على وجوب العمل على حل المسألة المصرية، إذ لم يفد وجود الأسطولين شيئا؛ وقد اقترح رئيس حكومة فرنسا على إنجلترة في 30 مايو سنة 1882 عقد مؤتمر دولي للنظر في الأمر، إذ إن الحالة في مصر تتطلب ذلك. وكانت فرنسا ترمي من وراء ذلك في الواقع أن تحول بين إنجلترة وبين الانفراد بالعمل، فقد باتت تتوجس خيفة من سياستها، ووافقت إنجلترة على ذلك لتخفي نياتها. ولن تعجز إنجلترة أن تتخذ من المؤتمر أداة تنتفع بها إذا لزم الحال، كما أنها لن تعدم حيلة للانفراد بالعمل إذا دعت الضرورة، كما سيأتي بيانه.
وكانت تركيا تعارض فكرة هذا المؤتمر؛ لأنها صاحبة الحق الشرعي في مصر ولا حق لغيرها من الدول في النظر في المسألة المصرية؛ لذلك أوفد السلطان درويشا ورأى في ذلك سببا عمليا يبرر به رفضه فكرة المؤتمر؛ وكان في إنعامه على عرابي وشكره إياه على إخلاصه في أداء واجبه ما يتضمن ألا محل لما تدعيه إنجلترة وفرنسا من خطر العسكريين في مصر.
ولكن أين ما يعمل السلطان مما كان يدبر الإنجليز؟ لقد دبر الإنجليز وشركاؤهم مأساة الإسكندرية؛ لتكون كما أسلفنا حجة لهم على صحة ما يقولون، ومن هنا يتبين لنا خطر هذا الحادث المشؤوم.
انعقاد المؤتمر بالآستانة
انعقد المؤتمر في 23 يونيه في السفارة الإيطالية بالآستانة، ولم يشترك فيه السلطان وذلك على الرغم من أن البلد الذي يبحث المؤتمر في شؤونه تابع للسلطان. وكان المؤتمر ينظر في إرسال قوة تركية إلى مصر، ويبحث الشروط التي توضع لذلك؛ والحق أن المؤتمر كان مهزلة من المهازل السياسية: فقد كان مما أصدره المؤتمر الميثاق الآتي، وذلك في 25 يونيه: «تتعهد الحكومات التي يمثلها الموقعون على هذا أنها في كل تسوية يقتضيها عملها المشترك؛ لتنظيم شؤون مصر ألا تسعى إلى امتلاك شيء من أراضيها، ولا إلى أي إذن خاص ولا إلى أي فائدة تجارية لرعاياها إلا ما كان عاما يمكن أن تناله أية أمة أخرى».
Shafi da ba'a sani ba