Babi a Kan Tarihin Juyin Juya Hali na Urabiyya
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Nau'ikan
ولقد كان لهذه المأساة نتائج خطيرة في ذلك الوقت بالذات، فقد جاءت عقب إعلان عرابي أنه يضمن الأمن؛ ولذلك فهي ضربة موجهة للحركة الوطنية في الصميم، وهي حجة للخديو وأعوانه من الأجانب على فساد الأحوال الداخلية، وتعرض أموال الأوروبيين وأرواحهم للخطر بسبب الحركة القومية، التي ظل ينعتها الإنجليز منذ قامت بالفوضى.
أما عن أدلة تدبير هذه المأساة فيكفي أن نذكر أن الإنجليز أنفسهم هم الذين يسوقون هذه الأدلة، فقد حدث سنة 1883 أن حمل في مجلس العموم البريطاني اللورد راندلف تشرشل زعيم المحافظين حملة عنيفة على مستر جلادستون زعيم الأحرار، فكان مما ذكره عن مساوئ الأحرار أنهم يحمون خديو مصر مع أنه هو وعمر لطفي محافظ الإسكندرية المدبر لمأساة الإسكندرية، وساق تشرشل طائفة من أقوال الأوروبيين من مختلفي الأجناس وكلها تقرر أن المسألة مبيتة.
1
ولقد جاء في كتاب كرومر «مصر الحديثة» أن مالت أبرق إلى حكومته في نهاية شهر مايو قائلا: «إنه قد يقع التحام في أي وقت بين الأوروبيين والمسلمين».
وأما من دبر هذه المأساة، فقد تجمعت الأدلة كذلك على أنها من جانب العنصر المصري في الهياج، تمت بالاشتراك بين الخديو وعمر لطفي. فقد ذكر رندلف تشرشل في مجلس العموم بين أدلة اتهاماته نبأ برقية من الخديو إلى عمر لطفي على أعظم جانب من الخطورة وهي: «لقد ضمن عرابي الأمن العام ونشر ذلك في الجرائد، وقد تحمل مسئولية ذلك أمام القناصل، فإذا نجح في ضمانه، فإن الدول سوف تثق به وسوف تفقد بذلك اعتبارنا، يضاف إلى ذلك أن أساطيل الدول في مياه الإسكندرية، وأن عقول الناس في هياج وأن الحرب قريبة الوقوع بين الأوروبيين وغيرهم ... والآن فاختر لنفسك هل تخدم عرابيا في ضمانه أم هل تخدمنا؟»
ولقد شهد كثير من الأوروبيين بأن شرطة المدينة، وهم تحت إمرة لطفي قد اشتركوا في القتل والضرب بدل أن يقضوا على الفتنة. ومن أخطر هذه الشهادات من نزلاء الإسكندرية قول مستر أمبروز رالي: «لكي نرى مبلغ خيانة المسئولين، فحسبنا أن نعلم أن الفتنة وقعت في الساعة الثالثة، وأن الشرطة قد تمت على أيديهم معظم حوادث القتل، وأن ذلك استمر حتى الساعة السابعة حين وصلت أخيرا فرقة من الجند، كانت كفيلة بأن توقف الفتنة في ربع ساعة من بادئ الأمر لو أن المسئولين أرادوا ذلك».
ويقول الشيخ محمد عبده في تقرير له كتبه في منفاه بسوريا: «حقا إن أكثر من اتهموا ومن قبض عليهم بعد الحادث بيوم كانوا يصيحون بقولهم: لا لوم علينا فإن سعادة المحافظ هو الذي كان يأمرنا بأن نضرب وأن نسرق».
إلى هذا الحد بلغ حقد توفيق على الوطنيين حتى ليتآمر هذا التآمر الخطير على سلامة مصر وسمعتها. ولسوف تتخذ الدولتان من هذه المأساة حجة لهما على أن بعثة درويش باشا لم تفد شيئا في علاج الحالة، وعلى أن عرابيا لم ينجح في ضمان الأمن كما أعلن، وأنه لا بد من عمل حاسم سريع.
وبعد هذه المأساة بيومين حضر الخديو إلى الإسكندرية؛ ليقيم بها كي يكون على مقربة من السفن الإنجليزية، ولينفض يديه من الأحوال الداخلية مؤقتا ريثما يتم القضاء على الحركة الوطنية واستعادة سلطانه. وقد استدعى إسماعيل راغب باشا في 18 يونيو، وكلفه تأليف وزارة بعد أن ظلت البلاد بلا وزارة مدة أسبوعين، وظل عرابي وزيرا للجهادية، والحق أن وزارة راغب باشا كانت صورية، بعد أن ارتمى توفيق على هذا النحو في أحضان الإنجليز ...
الإنجليز ومأساة الإسكندرية
Shafi da ba'a sani ba