٢٥- قال المصنف: وقد قال أبو الطيب أيضا في كافور:
فما لك تعني بالأسنة والقنا ... وجدك طعان بغير سنان
ومالك تختار القسي وإنما ... عن السعد يرمي دونك الملوان١
فإن هذا يحتمل المدح والذم، بل هو بالذم أشبه؛ لأنه يقول إنك لم تبلغ ما بلغته بسعيك واهتمامك، بل بجد وسعادة، وهذا لا فضل فيه؛ لأن السعادة ينالها الخامل والجاهل ومن لا يستحقها. قال: وأكثر ما كان المتنبي يستعمل هذا الفن في القصائد الكافوريات٢.
أقول إن الناس واقع لهم واقع ظريف مع المتنبي في هذا الباب، وكان أصله الشيخ أبو الفتح عثمان بن جني٣ ﵀، فإنه نبه المتنبي، ولم يكن ذلك لبغضه لكافور وحنقه عليه، فصار فيه حديث طويل.
وزعم من جاء بعده أن المتنبي كان يقصد ذلك ويتعمده ويمدحه بالشعر الموجه الذي يحتمل المدح والذم.
ومنهم من يزعم أن كافورا كان يتفطن لذلك، ويغضي عنه، وينقلون هذا عن المتنبي، وما كان ذلك قط ولا وقع شيء منه، ولا قصد أبو الطيب نحو ذلك أصلا.
_________
١ رواية الديوان تقديم البيت الثاني على الأول. وفيه "يرمي دونك الثقلان". الديوان ٤/ ٢٤٧.
٢ المثل السائر ١/ ٧٨.
٣ هو أبو الفتح عثمان بن جني الإمام النحوي، كان من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف، صنف في ذلك كتابا تفوق فيها على المتقدمين وأعجز عن مثلها المتأخرين، منها الخصائص وشرح ديوان المتنبي. وكان يحضر مجلس المتنبي وبناظره، وكان المتنبي يجب بذكائه، وحذقه ويقول: هذا الرجل لا يعرف قدره كثير من الناس.
ولد حوالي سنة ٣٣٠ وتوفي سنة ٣٩٢هـ "معجم الأدباء ١٢/ ٨١".
4 / 60