المسجد الحرام فدل في المطابقة على أن المسجد الحرام يخالف باقي المساجد في هذا الحكم.
هذا هو الذي يدل عليه هذا اللفظ فقط، ولا يدل على شيء آخر، لا أفضلية مسجده على المسجد الحرام، ولا أفضلية المسجد الحرام على مسجده.
لكن هذه المخالفة تحتمل أمورا، منها أن يكون مسجده ﵇ لا تفضل الصلاة الواحدة فيه ألف صلاة في المسجد الحرام، بل تفضل تسعمائة صلاة أو ثمانمائة صلاة مثلا.
ومنها أن يكون مسجده ﷺ تفضل الصلاة الواحدة فيه صلاة واحدة في المسجد الحرام، لا فرق بينهما.
ومنهما أن تكون الصلاة الواحدة في المسجد الحرام أفضل من صلاة كثيرة في مسجده، إما ألف صلاة أو أقل منها أو أكثر، ومراتب ذلك غير متناهية ولا معلومة، فهذه الاحتمالات كلها تدخل تحت المخالفة التي دل الاستثناء عليها.
فقد ظهر أنه لم يصب في قوله إن هذا الحديث يمكن أن يستخرج منه معنيان ضدان، هما أفضلية مسجده ﵇، للمسجد الحرام، والآخر أفضلية المسجد الحرام لمسجده ﵇؛ لأنا قد بينا أن الحديث إنما يدل على أن حكم المسجد الحرام مخالف لما قد حكم به في حق مسجده وبقية المساجد، ولا يدل لى شيء آخر لا في هذا ولا في ذاك، لكن المخالفة المدلول عليها يمكن انقسامها إلى أفضلية كل واحد منهما، وإلى تساويهما أيضا.
4 / 57