أعاود النظر فيه دفعة ثانية، وربما يسنح له عند المعاودة نكت أخرى، وإن وقع ذلك ألحقتها.
وقد سميت هذا الكتاب "الفلك الدائر على المثل السائر" لأنه شاع من كلامهم، وكثر في استعمالهم أن يقولوا لما بادودثر "قد دار عليه الفلك" كأنهم يرويدون أنه قد طحنه ومحا صورته. من ذلك قول أبي العتاهية:
إن كنت تنشدهم فإنهم
همدوا ودار عليه الفلك١
وأنا أسأل الله المعونة والتوفيق، وأستمنحه الهداية إلى سواء الطريق بمنه وكرمه
١- قال المصنف: "نسأل الله أن يبلغ بنا من الحمد ما هو أهله"٢.
أقول إنه أول ما تكلم سأل أمرا يستحيل عقلا؛ لأنه تعالى لا نهاية لما هو أهله من المحامد، سواء جعل الحمد بمعنى المدح أو أخص.
أما الأول فلان جلالته تعالى وعظمته وصفة كماله لا تقف عند غاية، ولا تنقطع عند حد، وأما الثاني فلأن نعمه لا نهاية لها بتعريضه إيانا للثواب والنعيم الذي لا نهاية له، فإذًا هو سبحانه أهل للحمد الذي لا نهاية له على
_________
١ ليس البيت بديوانه.
٢ نص عبارة ابن الأثير في أول المقدمة: "نسأل الله ربنا أن يبلغ بنا من الحمد ما هو أهله" ١/ ٣٥.
4 / 35