قال محمد: وكذلك رجل لا علم له ابتلي ببلية فسأل عنها الفقهاء فأفتوه بحلال أو حرام، وقضى عليه قاضي المسلمين بخلاف ذلك، وهو مما يختلف فيه الفقهاء، فينبغي له أن يأخذ بقضاء القاضي ويدع ما أفتاه الفقهاء وان قضى له بحلال أو حرام، ثم رجع إلى قاض آخر فقضى له في ذلك بشيء بعينه بخلاف قضاء الأول، وهو مما يختلف فيه الفقهاء أخذ بقضاء الأول وأبطل قضاء الثاني؛ لأن الحكم إذا وقع في موضع اجتهاد لم يجز لقاض من القضاة فسخه ولا يؤثر حكم الثاني إلا أن يكون الأول لا يسوغ فيه الاجتهاد، فلا يعتد به.
قال محمد: ولو أن فقيها عالما، قال: لامرأته أنت طالق البتة، وهو يرى أنها ثلاث، وأمضى رأيه فيما بينه وبينها، وعزم على أنها حرمت عليه، ثم رأى رأي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في ذلك هو الصواب، وأنها تطليقة واحدة يملك الرجعة، أمضى رأيه الذي كان عزم عليه من امرأته، ولا يردها زوجة برأي حدث فيه، ولا يشبه هذا قضاء القاضي له بخلاف رأيه الأول؛ لأن قضاء القاضي يهدم الرأي، والرأي لا يهدم الرأي.
وإن كان يرى أنه البتة رجعية، فعزم على أنها واحدة يملك الرجعة، فعزم على أنها امرأته، ثم رأى أنها ثلاث تطليقات، وأنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره لم تحرم، وكانت امرأته على حالها، وهذا على ما قدمناه أنه إذا عزم على إمضاء الاجتهاد لم ينفسخ باجتهاد آخر. كذا في ((شرح الكرخي(1) على القدوري)).
Shafi 25