96

Nazarin Kan Gabatarwar Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Nau'ikan

هذا ونحن نعلم بأن ابن خلدون عاش بعد تاريخ تأليف المقدمة على النحو الذي ذكرناه آنفا، مدة تناهز تسعة وعشرين عاما، ففي أية سنة من هذه السنوات توقفت وانتهت عملية التهذيب؟ وماذا كان اتجاه التطورات التي حدثت في آرائه ومناحي بحثه وتفكيره خلال هذه المدة الطويلة؟

إننا نعلم أن ابن خلدون لم يعد إلى ممارسة السياسة الفعالة بعد كتابة المقدمة، بل انكب على جمع المعلومات التاريخية، كما اشتغل بتدريس الفقه في بعض المدارس، وفي الأخير مارس القضاء عندما تقلد منصب قاضي قضاة المالكية في مصر القاهرة، واتصل بالصوفية اتصالا وثيقا عندما تعين شيخا لخانقاه بيبرس في العاصمة المصرية. فما هي الأقسام التي كتبها ابن خلدون بعد انصرافه إلى الاشتغال بالأمور الفقهية والقضائية على هذا المنوال؟ وما هي التطورات التي حدثت في آرائه العلمية ونزعاته الفكرية بعد انضمامه إلى حلقات القضاة والفقهاء، ولا سيما بعد اتصاله بمشائخ الصوفية وعلمائها؟

إن معظم مباحث المقدمة مكتوبة بنزعة علمانية وعقلانية

Rationaliste

صريحة، في حين أن بعض فصولها تنم عن نزعة صوفية قوية، فهل كان الأمر كذلك منذ بداية التأليف؟ أم أن ذلك كانت نتيجة «تطور حدث في طراز تفكيره»، من جراء اشتغاله بتدريس الفقه وممارسة القضاء، واضطراره إلى مناقشة علماء الدين والفقهاء في حياته الجديدة؟

إن هذه المسائل الخطيرة لا يمكن حلها إلا بتعيين الأقسام الأصلية من المقدمة، وتمييزها من الأقسام المضافة إليها مؤخرا.

وأما وسائل البحث ومناحي الاستقصاء التي يمكن أن تؤدي بنا إلى معرفة ذلك، فتنقسم إلى قسمين أساسيين وفقا للخطط التي يتبعها المؤرخون الباحثون في مثل هذه المسائل: (أ)

طريقة النقد الداخلي. (ب)

طريقة النقد الخارجي.

النقد الداخلي؛ هو البحث عن أجوبة هذه الأسئلة عن طريقة درس المقدمة نفسها، ومقارنة أقسامها المختلفة، من حيث الأساليب والمضامين.

Shafi da ba'a sani ba