Nazarin Kan Gabatarwar Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Nau'ikan
Hobbes - الذي عاش وكتب في أواسط القرن السابع عشر - اعترض على رأي أرسطو في «اجتماعية الإنسان»، و«طبيعية الاجتماع الإنساني» اعتراضا شديدا، وادعى بأن الحالة الطبيعية في الإنسان هي «الحرب والعدوان»، وتمسك بالنظرية القائلة «إن الإنسان ذئب للإنسان»، وزعم بأن الاجتماع ما هو إلا نتيجة من نتائج هذه الحرب والعدوان.
يتبين من ذلك أن ابن خلدون اقتبس القسم الأول من نظريته هذه من المفكرين الذين سبقوه، غير أنه لاحظ - في الوقت نفسه - ما سيلاحظه «هوبز» بعده بثلاثة قرون، وبنى القسم الثاني من نظريته على مبدأ «عدوان الإنسان على الإنسان»، و«التنازع الدائم بين بني الإنسان». فنستطيع أن نقول - لذلك - إن نظرية ابن خلدون في هذا الصدد كانت بمثابة خط واصل بين نظرية أرسطو القديمة، وبين نظرية هوبز المقبلة، لقد سبق ابن خلدون المفكر الإنجليزي هوبز في تقدير أفعولة العدوان والتنازع في الحياة الاجتماعية، كما أنه تفوق على المشار إليه؛ لعدم اعتباره ذلك منافيا لاجتماعية الإنسان.
فقد اعتبر ابن خلدون «الاجتماع» أو «العمران» طبيعيا في البشر، مثل «العدوان»، فربط فكرة «الدولة والملك»، و«الوازع والحاكم»، بمبدأ العمران من جهة، وبمبدأ العدوان من جهة أخرى، كما يتجلى بكل وضوح من الفقرة التالية التي تلخص ما شرحه وفصله في فصول مختلفة: «الدولة دون العمران لا تتصور، والعمران دون الدولة والملك متعذر؛ لما في طبع البشر من العدوان الداعي إلى التنازع» (ص376).
وإذا أردنا أن نعبر عن آراء ابن خلدون في هذا الصدد بالتعبيرات المألوفة في زماننا هذا - دون أن نخرج عن نطاق تفكيره، ومن غير أن نغير شيئا من مميزات رأيه - نستطيع أن نقول:
إن الطبيعة البشرية تستلزم الحياة الاجتماعية، كما أنها تحمل على التعدي، وتؤدي إلى التنازع بين الأفراد. فالحياة الاجتماعية لا يمكن أن تستمر إلا بوجود وازع يمنع التعدي ويرفع التنازع، وهذا هو الذي يولد الحكم والملك بوجه عام، والدولة بوجه خاص.
2 (1)
أما علاقة المجتمع بالشرائع الدينية، فيبدي ابن خلدون رأيه فيها بوضوح؛ أولا في مقدمة الباب الأول، وثانيا في فصل الخلافة.
إنه يعترض بشدة على رجال الدين الذين يزعمون بأن «الحكم الوازع للإنسان يكون بشرع مفروض من عند الله، يأتي به واحد من البشر، يكون متميزا عنهم بما يودع الله فيه من خواص هدايته؛ ليقع التسليم له والقبول منه، حتى يتم الحكم فيهم وعليهم من غير إنكار ولا تزييف» (ص43).
يفند ابن خلدون هذه المزاعم قائلا: «إن الوجود والحياة للبشر قد تتم من دون ذلك بما يفرضه الحاكم لنفسه، أو بالعصبية التي يقتدر بها على قهرهم وحملهم على جادته.» ويبرهن على ذلك بقوله: «أهل الكتاب المتبعون للأنبياء قليلون بالنسبة إلى المجوس الذين ليس لهم كتاب، فإنهم أكثر أهل العالم، ومع ذلك فقد كانت لهم الدول والآثار فضلا عن الحياة» (ص43-44).
يعود ابن خلدون إلى هذه المسألة في فصل الخلافة والإمامة، ويكرر رأيه فيها بوضوح أكبر وأسلوب أحسم:
Shafi da ba'a sani ba